وأما الثالثة فقال تعالى :﴿ ولله ما في السموات وما في الأرض وكفى بالله وكيلا ﴾ أي فتوكلوا عليه ولا تتوكلوا على غيره فإنه المالك لما في السموات والأرض.
وقيل تكريرها تعديدها لما هو موجب تقواه لتتقوه وتطيعوه ولا تعصوه لأن التقوى والخشية أصل كل خير. أ هـ ﴿تفسير الخازن حـ ١ صـ ٦٠٨ ـ ٦٠٩﴾
وقال أبو حيان :
وقال الراغب : الأول : للتسلية عما فات.
والثاني : أنّ وصيته لرحمته لا لحاجة، وأنهم إن كفروه لا يضروه شيئاً.
والثالث : دلالته على كونه غنياً.
وقال مكي : نبهنا أولاً على ملكه وسعته.
وثانياً على حاجتنا إليه وغناه، وثالثاً على حفظه لنا وعلمه بتدبيرنا. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٣ صـ ٣٨٣﴾. بتصرف يسير.
وقال ابن عاشور :
قد تكرّرت جملة ﴿ ولله ما في السماوات وما في الأرض ﴾ هنا ثلاث مرّات متتاليات متّحدة لفظاً ومعنى أصلياً، ومختلفة الأغراض الكنائية المقصودة منها، وسبقتها جملة نظيرتهنّ : وهي ما تقدّم من قوله :﴿ ولله ما في السماوات وما في الأرض وكان الله بكلّ شيء محيطاً ﴾ [ النساء : ١٢٦ ].
فحصل تكرارها أربع مرات في كلام متناسق.
فأمّا الأولى السابقة فهي واقعة موقع التعليل لجملة ﴿ إنّ الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ﴾ [ النساء : ١١٦ ]، ولقوله :﴿ ومن يشرك بالله فقد ضلّ ضلالاً بعيداً ﴾ [ النساء : ١١٦ ]، والتذييلِ لهما، والاحتراس لجملة ﴿ واتّخذ الله إبراهيم خليلاً ﴾ [ النساء : ١٢٥ ]، كما ذكرناه آنفاً.
وأما الثانية التي بعدها فواقعة موقع التعليل لجملة ﴿ يغني الله كلاَّ من سعته ﴾.
وأما الثالثة التي تليها فهي علّة للجواب المحذوف، وهو جواب قوله :﴿ وإن تكفروا ﴾ ؛ فالتقدير : وإن تكفروا فإنّ الله غنيّ عن تقواكم وإيمانكم فإنّ له ما في السماوات وما في الأرض وكان ولا يزال غنيّاً حميداً.
وأمّا الرابعة التي تليها فعاطفة على مقدّر معطوف على جواب الشرط تقديره : وإن تكفروا بالله وبرسوله فإنّ الله وكيل عليكم ووكيل عن رسوله وكفى بالله وكيلاً. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٤ صـ ٢٧٢﴾


الصفحة التالية
Icon