وعيشا أهنأ من عيشه " ولما قال "يغن الله كلا من سعته " ناسب هذا ذكر ما يقتضى من صفاته عموم وجوه الإحسان وأنه لا نفاد لما عنده مما به قوام عيشهم وكمال حال كل واحد منهم من الرزق والسكن والتأنيس وأنه سبحانه المنفرد بعلم وجه الحكمة فى تآلفهم فقال "وكان الله واسعا حكيما " أى كثير العطاء جم الإحسان عليم بخفيات مصالح العباد فقوله "وكان الله واسعا حكيما " عقب ما تقدمه من قوله " وإن يتفرقا يغن الله كلا من سعته " أوضح شئ فى المناسبة ثم اتبع بما يلائم ذلك ويزيده وضوحا من إخباره تعالى من أن السماوات والأرض وما فيهما ملكه تعالى فقال "ولله ما فى السماوات وما فى الأرض " ثم أتبع سبحانه أنه بما يرجع إلى عموم إحسانه إلى من تقدم من المخاطبين بكتبه المنزلة رحمة لعباده وإحسانه كما أحسن إلى المواجهين بهذا الكتاب والمهيمن من على هذه الخطاب فقال "ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله " وأعلم سبحانه أنه محسن اليهم لأن تقواهم إياه تعالى مثمرة لهم السلامة من عذابه والنجاة من أليم عقابه وأنه ليس به إلى تقواهم من حاجة ولا يعود إليه سبحانه من كل ذلك منفعة إذ هو الغنى عنهم وعن عبادتهم فقال :"وإن تكفروا فإن لله ما فى السماوات وما فى الأرض " فهو الغنى عنكم وعن عبادتكم كما قال تعالى فى آية أخرى :"وقال موسى إن تكفروا أنتم ومن فى الأرض جمبعا فإن الله لغنى حميد " وقال تعالى :"فكفروا وتولوا واستغنى الله والله غنى حميد " وإذا كان الكل ممن فى السماوات والأرض ملكا له سبحانه وتحت قهره وفى قبضته يفعل فيهم ما يشاء ولا يكون منهم إلا ما يشاؤه ويريده وهو الغنى الحميد ثم أكده بقوله "ولله ما فى السماوات وما فى الأرض " لما بنى عليه من قوله


الصفحة التالية
Icon