ولما كان هذا، تسبب عنه قوله :﴿فلا تتبعوا﴾ أي تتكلفوا تبع ﴿الهوى﴾ وتنهمكوا فيه انهماك المجتهد في المحب له ﴿أن﴾ أي إرادة أن ﴿تعدلوا﴾ فقد بان لكم أنه لا عدل في ذلك.
ولما كان التقدير : فإن تتبعوه لذلك أو لغيره فإن الله كان عليكم قديراً، عطف عليه قوله :﴿وإن تلوا﴾ أي ألسنتكم لتحرفوا الشهادة نوعاً من التحريف أو تديروا ألسنتكم أي تنطقوا بالشهادة باطلاً، وقرأ ابن عامر وحمزة بضم اللام - من الولاية أي تؤدوا الشهادة على وجه من العدل، أو الليّ ﴿أو تعرضوا﴾ أي عنها وهي حق فلا تؤدوها لأمر ما ﴿فإن الله﴾ أي المحيط علماً وقدرة ﴿كان﴾ أي لم يزل ولا يزال ﴿بما تعملون خبيراً﴾ أي بالغ العلم باطناً وظاهراً، فهو يجازيكم على ذلك بما تستحقونه، فاحذروه إن خنتم، وارجوه إن وفيتم، وذلك بعد ما مضى من تأديبهم على وجه الإشارة والإيماء من غير أمر، وما أنسبها لختام التي قبلها وأشد التئام الختامين : ختام هذه بصفة الخبر وتلك بصفتي السمع والبصر. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٢ صـ ٣٣٣ ـ ٣٣٤﴾
وقال الفخر :
في اتصال الآية بما قبلها وجوه :
الأول : أنه لما تقدم ذكر النساء والنشوز والمصالحة بينهن وبين الأزواج عقبه بالأمر بالقيام بأداء حقوق الله تعالى وبالشهادة لإحياء حقوق الله، وبالجملة فكأنه قيل : إن اشتغلت بتحصيل مشتهياتك كنت لنفسك لا لله، وءن اشتغلت بتحصيل مأمورات الله كنت ﷺ لا لنفسك، ولا شك أن هذا المقام أعلى وأشرف، فكانت هذه الآية تأكيداً لما تقدم من التكاليف.


الصفحة التالية
Icon