وروي عن جعفر بن محمد أن رجلاً شكا إليه الفقر، فأمره بالنكاح، فذهب الرجل وتزوّج ؛ ثم جاء إليه وشكا إليه الفقر، فأمره بالطلاق ؛ فسئل عن هذه الآية فقال : أمرته بالنكاح لعله من أهل هذه الآية :﴿ إِن يَكُونُواْ فُقَرَآءَ يُغْنِهِمُ الله مِن فَضْلِهِ ﴾ [ النور : ٣٢ ] فلما لم يكن من أهل تلك الآية أمرته بالطلاق فقلت : فلعله من أهل هذه الآية ﴿ وَإِن يَتَفَرَّقَا يُغْنِ الله كُلاًّ مِّن سَعَتِهِ ﴾. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٥ صـ ٤٠٨﴾.
وقال الآلوسى :
﴿ وَإِن يَتَفَرَّقَا ﴾ أي المرأة وبعلها، وقرىء يتفارقا أي وإن لم يصطلحا ولم يقع بينهما وفاق بوجه مّا من الصلح وغيره ووقعت بينهما الفرقة بطلاق ﴿ يُغْنِ الله كُلاًّ ﴾ منهما أي يجعله مستغنياً عن آخر ويكفه ما أهمه، وقيل : يغني الزوج بامرأة أخرى والمرأة بزوج الآخر ﴿ مّن سَعَتِهِ ﴾ أي من غناه وقدرته، وفي ذلك تسلية لكل من الزوجين بعد الطلاق، وقيل : زجر لهما عن المفارقة، وكيفما كان فهو مقيد بمشيئة الله تعالى ﴿ وَكَانَ الله واسعا ﴾ أي غنياً وكافياً للخلق، أو مقتدراً أو عالماً ﴿ حَكِيماً ﴾ متقناً في أفعاله وأحكامه. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٥ صـ ١٦٣﴾
لطيفة
قال ابن عاشور :
وفي قوله :﴿ يغن الله كلاَ من سعته ﴾ إشارة إلى أنّ الفراق قد يكون خيراً لهما لأنّ الفراق خير من سوء المعاشرة.
ومعنى إغناء الله كلاًّ : إغناؤه عن الآخر.
وفي الآية إشارة إلى أنّ إغناء الله كلاّ إنّما يكون عن الفراق المسبوق بالسعي في الصلح.
وقوله :﴿ وكان الله واسعاً حكيماً ﴾ تذييل وتنهية للكلام في حكم النساء. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٤ صـ ٢٧٠﴾
لطيفة
قال أبو حيان :
﴿ وكان الله واسعاً حكيماً ﴾ ناسب ذلك ذكر السعة، لأنه تقدّم من سعته.
والواسع عام في الغنى والقدرة والعلم وسائر الكمالات.


الصفحة التالية
Icon