فَلَا جَنَاحَ عَلَيْهَا وَلَا عَلَيْهِ فِي الصُّلْحِ الَّذِي يَتَّفِقَانِ عَلَيْهِ بَيْنَهُمَا، كَأَنْ تَسْمَحَ لَهُ بِبَعْضِ حَقِّهَا عَلَيْهِ فِي النَّفَقَةِ أَوِ الْمَبِيتِ مَعَهَا أَوْ بِحَقِّهَا كُلِّهَا فِيهِمَا أَوْ فِي أَحَدِهِمَا لِتَبْقَى فِي عِصْمَتِهِ مُكَرَّمَةً أَوْ تَسْمَحَ لَهُ بِبَعْضِ الْمَهْرِ وَمُتْعَةِ الطَّلَاقِ أَوْ بِكُلِّ ذَلِكَ لِيُطَلِّقَهَا، فَهُوَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ فَلَا جَنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ (٢ : ٢٢٩)، وَإِنَّمَا يَحِلُّ لِلرَّجُلِ مَا تُعْطِيهِ مِنْ حَقِّهَا إِذَا كَانَ بِرِضَاهَا، لِاعْتِقَادِهَا أَنَّهُ خَيْرٌ لَهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ مُلْجِئًا إِيَّاهَا إِلَيْهِ بِمَا لَا يَحِلُّ لَهُ مِنْ ظُلْمِهَا أَوْ إِهَانَتِهَا ؛ رُوِيَ عَنْ بَعْضِ مُفَسِّرِي السَّلَفِ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي الرَّجُلِ تَكُونُ عِنْدَهُ الْمَرْأَةُ يَكْرَهُهَا لِكِبَرِ سَنِّهَا أَوْ دَمَامَتِهَا وَيُرِيدُ التَّزَوُّجَ بِخَيْرٍ مِنْهَا، وَيَخَافُ أَلَّا يَعْدِلَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْجَدِيدَةِ فَيُكَاشِفُهَا بِذَلِكَ وَيُخَيِّرُهَا بَيْنَ الطَّلَاقِ وَبَيْنَ الْبَقَاءِ عِنْدَهُ بِشَرْطِ أَنْ تُسْقِطَ عَنْهُ حَقَّهَا فِي الْقَسْمِ، أَيْ حِصَّتُهَا مِنَ الْمَبِيتِ عِنْدَهَا، وَمِثْلُهَا الرَّجُلُ الَّذِي عِنْدَهُ امْرَأَتَانِ مَثَلًا يَكْرَهُ إِحْدَاهُمَا وَيُرِيدُ فِرَاقَهَا إِلَّا أَنْ تُصَالِحَهُ عَلَى إِسْقَاطِ حَقِّهَا فِي الْمَبِيتِ، أَوْ يَعْجَزُ عَنِ النَّفَقَةِ عَلَيْهِمَا فَيُرِيدُ أَنْ يُطَلِّقَ إِحْدَاهُمَا إِلَّا أَنْ تُصَالِحَهُ عَلَى إِسْقَاطِ حَقِّهَا مِنَ النَّفَقَةِ، فَإِذَا لَمْ تَرْضَ الْمَكْرُوهَةُ لِكِبَرِهَا أَوْ قُبْحِهَا إِلَّا بِحَقِّهَا