مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ (٢ : ٢٢٨)، وَهَذِهِ الدَّرَجَةُ هِيَ الَّتِي بَيَّنَهَا بِقَوْلِهِ الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ (٤ : ٣٤)، وَفَرَضَ عَلَيْهِمُ الْعَدْلَ وَالْإِحْسَانَ فِي هَذِهِ الرِّيَاسَةِ، فَيَجِبُ عَلَى الرَّجُلِ وَرَاءَ النَّفَقَةِ عَلَى امْرَأَتِهِ أَنْ يُعَاشِرَهَا بِالْمَعْرُوفِ، وَأَنْ يُحَصِّنَهَا وَيُعِفَّهَا وَيُحَصِّنَ نَفْسَهُ وَيُعِفَّهَا بِهَا، وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَجْعَلَ لَهَا ضُرَّةً شَرِيكَةً فِي ذَلِكَ إِلَّا إِذَا وَثِقَ مِنْ نَفْسِهِ بِالْعَدْلِ بَيْنَهُمَا، وَإِنَّمَا أُبِيحَ لَهُ ذَلِكَ بِشَرْطِهِ ; لِأَنَّهُ مِنْ ضَرُورَاتِ الِاجْتِمَاعِ وَلَا سِيَّمَا فِي أَزْمِنَةِ الْحُرُوبِ الَّتِي يَقِلُّ فِيهَا الرِّجَالُ، وَتَكْثُرُ النِّسَاءُ كَمَا بَيَّنَّا كُلَّ ذَلِكَ بِالتَّفْصِيلِ فِي مَحَلِّهِ، فَإِنْ أَرَادَ ذَلِكَ أَوْ فَعَلَهُ أَوْ وَقَعَ بَيْنَهُمَا النُّفُورُ بِسَبَبٍ آخَرَ فَيَجِبُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا أَنْ يَتَحَرَّى الْعَدْلَ وَالْمَعْرُوفَ، فَإِنْ خَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللهِ فَعَلَى الَّذِي يُرِيدُ مِنْهُمَا أَنْ يَخْلُصَ مِنَ الْآخَرِ أَنْ يَسْتَرْضِيَهُ، وَكَمَا جَعَلَ اللهُ الطَّلَاقَ لِلرَّجُلِ لِأَنَّهُ أَحْرَصُ عَلَى عِصْمَةِ الزَّوْجِيَّةِ، لِمَا تَكَلَّفَهُ مِنَ النَّفَقَةِ وَلِأَنَّهُ أَبْعَدُ عَنْ طَاعَةِ الِانْفِعَالِ الْعَارِضِ، جَعَلَ لِلْمَرْأَةِ حَقَّ الْفَسْخِ إِذَا لَمْ يَفِ بِحُقُوقِهَا مِنَ النَّفَقَةِ وَالْإِحْصَانِ، وَقِيلَ : إِنَّ كَلِمَةَ خَيْرٌ لَيْسَتْ لِلتَّفْضِيلِ وَإِنَّمَا هِيَ لِبَيَانِ خَيْرِيَّةِ الصُّلْحِ فِي نَفْسِهِ.