وَقَدْ يَكُونُ مِنْ أَسْبَابِ الرَّغْبَةِ فِي كُلٍّ مِنَ الزَّوْجَيْنِ الْمُتَفَرِّقَيْنِ مَا يَرَاهُ النَّاسُ مِنْ حُسْنِ تَعَامُلِهِمَا فِي تَفَرُّقِهِمَا، وَالْتِزَامِهِمَا فِيهِ حِفْظَ كَرَامَتِهِمَا، وَإِنَّمَا قُلْتُ :" قَدْ يَكُونُ " لِلْإِشَارَةِ إِلَى أَنَّ هَذَا إِذَا لَمْ يَكُنْ مُرَغِّبًا لِدَهْمَاءِ النَّاسِ وَتُحُوتِهِمْ، فَهُوَ أَكْبَرُ الْمُرَغِّبَاتِ لِكِرَامِهِمْ وَفُضَلَائِهِمْ، وَإِنَّمَا الْخَيْرُ فِيهِمْ، فَإِنَّ الرَّجُلَ الْفَاضِلَ الْكَرِيمَ إِذَا عَلِمَ أَنَّ امْرَأَةً اخْتَلَفَتْ مَعَ بَعْلِهَا لِأَنَّ نَفْسَهَا الشَّرِيفَةَ لَمْ تَقْبَلْ أَنْ يَنْشُزَ أَوْ يُعْرِضَ عَنْهَا، أَوْ يَقْرِنَ بِهَا مَنْ لَا يَعْدِلُ بَيْنَهَا وَبَيْنَهَا، وَهِيَ مَعَ ذَلِكَ لَمْ تَخْدِشْ كَرَامَتَهُ بِقَوْلٍ وَلَا فِعْلٍ، وَإِنَّمَا أَحَبَّتْ أَنْ تَتَّفِقَ مَعَهُ عَلَى طَرِيقَةٍ عَادِلَةٍ فَلَمْ يُمْكِنْ، فَتَفَرَّقَا بِأَدَبٍ وَإِحْسَانٍ حُفِظَ بِهِ شَرَفُهُمَا، وَحَسُنَ بِهِ ذِكْرُهُمَا، وَعُلِمَ أَنَّهُ هُوَ الَّذِي أَسَاءَ إِلَيْهَا، لَا لِعَيْبٍ فِي أَخْلَاقِهَا وَلَا لِسُوءٍ فِي أَعْمَالِهِ، بَلْ لِتَعَلُّقِ قَلْبِهِ بِغَيْرِهَا، فَإِنَّ هَذَا الْفَاضِلَ الْكَرِيمَ يَرَى فِيهَا أَفْضَلَ صِفَاتِ الزَّوْجِيَّةِ الَّتِي يَتَسَاهَلُ لِأَجْلِهَا فِيمَا عَدَاهَا، فَإِنْ كَانَتْ فَتَاةً رَغِبَ فِيهَا الْفِتْيَانُ وَغَيْرُهُمْ، وَإِنْ كَانَتْ نَصَفًا رَغِبَ فِيهَا كَثِيرُونَ مِنْ أَمْثَالِهَا فِي السِّنِّ وَشَرَفِ الْأَدَبِ، وَأَكْثَرُ النَّاسِ رَغْبَةً فِي مِثْلِهَا مَنْ يَتَزَوَّجُونَ لِأَجْلِ الْمَصْلَحَةِ وَالْقِيَامِ بِحُقُوقِ الزَّوْجِيَّةِ، لَا لِمَحْضِ إِرْضَاءِ الشَّهْوَةِ الْحَيَوَانِيَّةِ، وَهُمُ الَّذِينَ يُرْجَى أَنْ تَدُومَ لَهُمُ