وَيُحْتَجُّ بِظَاهِرِهِ أَيْضًا فِي الْكَافِرِ الذِّمِّيِّ إذَا أَسْلَمَتْ امْرَأَتُهُ أَنَّهُ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا إنْ لَمْ يُسْلِمْ، وَفِي الْحَرْبِيِّ كَذَلِكَ أَيْضًا، فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ إقْرَارُهَا تَحْتَهُ أَبَدًا.
وَيَحْتَجُّ بِهِ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ فِي إبْطَالِ شَرِّي الذِّمِّيِّ لِلْعَبْدِ الْمُسْلِمِ ؛ لِأَنَّهُ بِالْمِلْكِ يَسْتَحِقُّ السَّبِيلَ عَلَيْهِ.
وَلَيْسَ ذَلِكَ كَمَا قَالُوا ؛ لِأَنَّ الشِّرَى لَيْسَ هُوَ السَّبِيلُ الْمَنْفِيُّ بِالْآيَةِ ؛ لِأَنَّ الشِّرَى لَيْسَ هُوَ الْمِلْكُ، وَالْمِلْكُ إنَّمَا يَتَعَقَّبُ الشِّرَى، وَحِينَئِذٍ
يَمْلِكُ السَّبِيلَ عَلَيْهِ ؛ فَإِذًا لَيْسَ فِي الْآيَةِ نَفْيُ الشِّرَى إنَّمَا فِيهَا نَفْيُ السَّبِيلِ.
فَإِنْ قِيلَ : إذَا كَانَ الشِّرَى هُوَ الْمُؤَدِّي إلَى حُصُولِ السَّبِيلِ، وَجَبَ أَنْ يَكُونَ مُنْتَفِيًا كَمَا كَانَ السَّبِيلُ مُنْتَفِيًا.
قِيلَ لَهُ : لَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ يُمْتَنَعُ أَنْ يَكُونَ السَّبِيلُ عَلَيْهِ مُنْتَفِيًا وَيَكُونَ الشِّرَى الْمُؤَدِّي إلَى حُصُولِ السَّبِيلِ جَائِزًا، وَإِنَّمَا أَرَدْت نَفْيَ الشِّرَى بِالْآيَةِ نَفْسِهَا، فَإِنْ ضَمَمْت إلَى الْآيَةِ مَعْنًى آخَرَ فِي نَفْيِ الشِّرَى فَقَدْ عَدَلْت عَنْ الِاحْتِجَاجِ بِهَا وَثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ الْآيَةَ غَيْرُ مَانِعَةٍ صِحَّةَ الشِّرَى ؛ وَأَيْضًا فَإِنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ بِصِحَّةِ الشِّرَى السَّبِيلَ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ اسْتِخْدَامِهِ وَالتَّصَرُّفِ فِيهِ إلَّا بِالْبَيْعِ وَإِخْرَاجِهِ عَنْ مِلْكِهِ، فَلَمْ يَحْصُلْ لَهُ هَهُنَا سَبِيلٌ عَلَيْهِ. أ هـ ﴿أحكام القرآن للجصاص حـ ٣ صـ ٢٧٩ ـ ٢٨٠﴾


الصفحة التالية
Icon