الْمُؤْمِنِينَ، أَيْ : الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ الْمُعَادِينَ لِلْمُؤْمِنِينَ أَوْلِيَاءً وَأَنْصَارًا، مُتَجَاوِزِينَ وِلَايَةَ الْمُؤْمِنِينَ وَتَارِكِيهَا إِلَى وِلَايَتِهِمْ وَمُمَالَأَتِهِمْ عَلَيْهِمْ، لِاعْتِقَادِهِمْ أَنَّ الدَّوْلَةَ سَتَكُونُ لَهُمْ فَيَجْعَلُونَ لَهُمْ يَدًا عِنْدَهُمْ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ، اسْتِفْهَامُ تَقْرِيعٍ وَتَوْبِيخٍ، إِنْ كَانُوا يَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ وَهِيَ الْمَنَعَةُ وَالْغَلَبَةُ وَرِفْعَةُ الْقَدْرِ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا، فَهُوَ يُؤْتِيهَا مَنْ يَشَاءُ فَكَانَ عَلَيْهِمْ أَنْ يَطْلُبُوهَا مِنْهُ بِصِدْقِ الْإِيمَانِ وَالسَّيْرِ عَلَى سُنَّتِهِ تَعَالَى وَاتِّبَاعِ هِدَايَةِ وَحْيِهِ الَّذِي يُرْشِدُهُمْ إِلَى طُرُقِهَا، وَيُبَيِّنُ أَسْبَابَهَا، وَقَدْ آتَاهَا اللهُ نَبِيَّهُ وَالْمُؤْمِنِينَ بِاهْتِدَائِهِمْ بِكِتَابِهِ، وَسِيَرِهِمْ عَلَى سُنَنِهِ، وَلَمَّا أَعْرَضَ الْمُسْلِمُونَ عَنْ هَذِهِ الْهِدَايَةِ الَّتِي اعْتَزَّ بِهَا سَلَفُهُمْ ذُلُّوا وَسَاءَتْ حَالُهُمْ، وَصَارَ فِيهِمْ مُنَافِقُونَ يُوَالُونَ الْكَفَّارَ دُونَهُمْ، يَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ وَالشَّرَفَ وَمَا هُمْ لَهُمَا بِمُدْرِكِينَ، فَعَسَى اللهُ أَنْ يُوَفِّقَ الْمُسْلِمِينَ إِلَى الرُّجُوعِ إِلَى تِلْكَ الْهِدَايَةِ فَيَعُودُوا إِلَى حَظِيرَةِ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ (٦٣ : ٨).


الصفحة التالية
Icon