الِانْتِسَابَ إِلَيْهِمْ وَهُمْ لَا يَعْرِفُونَ هَدْيَهُمْ، وَلَا يَتَّبِعُونَهُمْ، وَإِنَّمَا يَتَّبِعُ كُلُّ أَهْلِ عَصْرٍ شُيُوخَهُمْ عَلَى جَهْلِهِمْ.
إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ، هَذَا تَعْلِيلٌ لِلنَّهْيِ، أَيْ إِنَّكُمْ إِنْ قَعَدْتُمْ مَعَهُمْ تُكُونُونَ مِثْلَهُمْ وَشُرَكَاءَ لَهُمْ فِي كُفْرِهِمْ ; لِأَنَّكُمْ أَقْرَرْتُمُوهُمْ عَلَيْهِ وَرَضِيتُمُوهُ لَهُمْ، وَلَا يَجْتَمِعُ الْإِيمَانُ بِالشَّيْءِ وَإِقْرَارُ الْكُفْرِ وَالِاسْتِهْزَاءُ بِهِ، وَيُؤْخَذُ مِنَ الْآيَةِ أَنَّ إِقْرَارَ الْكُفْرِ بِالِاخْتِيَارِ كُفْرٌ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ إِقْرَارَ الْمُنْكَرِ وَالسُّكُوتَ عَلَيْهِ مُنْكَرٌ، وَهَذَا مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ أَيْضًا، وَأَنَّ إِنْكَارَ الشَّيْءِ يَمْنَعُ فُشُوَّهُ
بَيْنَ مَنْ يُنْكِرُونَهُ حَتْمًا، فَلْيَعْتَبِرْ بِهَذَا أَهْلُ هَذَا الزَّمَانِ، وَيَتَأَمَّلُوا كَيْفَ يُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْكُفْرِ وَالْإِيمَانِ، أَوْ بَيْنَ الطَّاعَةِ وَالْعِصْيَانِ، فَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْمُلْحِدِينَ فِي الْبِلَادِ الْمُتَفَرْنِجَةِ يَخُوضُونَ فِي آيَاتٍ وَيَسْتَهْزِئُونَ بِالدِّينِ، وَيُقِرُّهُمْ عَلَى ذَلِكَ وَيَسْكُتُ لَهُمْ مَنْ لَمْ يَصِلْ إِلَى دَرَجَةِ كُفْرِهِمْ لِضَعْفِ الْإِيمَانِ وَالْعِيَاذُ بِاللهِ تَعَالَى.
إِنَّ اللهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا، هَذَا وَعِيدٌ لِلْفَرِيقَيْنِ الْمُسْتَهْزِئَيْنِ مِنَ الْكُفَّارِ، وَلِمُقَرِّبِيهِمْ مِنَ الْمُنَافِقِينَ، بِأَنَّهُمْ سَيَجْتَمِعُونَ فِي الْعِقَابِ كَمَا اجْتَمَعُوا عَلَى الْإِثْمِ وَكَذَا غَيْرُهُمْ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ.