وقَوْله تَعَالَى :﴿ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمْ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا ﴾ تَأْكِيدٌ لِلنَّهْيِ عَنْ الِاعْتِزَازِ بِالْكُفَّارِ وَإِخْبَارٌ بِأَنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ دُونَهُمْ وَذَلِكَ مُنْصَرِفٌ عَلَى وُجُوهٍ : أَحَدُهَا امْتِنَاعُ إطْلَاقِ الْعِزَّةِ إلَّا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْتَدُّ بِعِزَّةِ أَحَدٍ مَعَ عِزَّتِهِ لِصِغَرِهَا وَاحْتِقَارِهَا فِي صِفَةِ عِزَّتِهِ.
وَالْآخَرُ : أَنَّهُ الْمُقَوِّي لِمَنْ لَهُ الْقُوَّةُ مِنْ جَمِيعِ خَلْقِهِ، فَجَمِيعُ الْعِزَّةِ لَهُ ؛ إذْ كَانَ عَزِيزًا لِنَفْسِهِ مُعِزًّا لِكُلِّ مَنْ نُسِبَ إلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ الْعِزَّةِ.
وَالْآخَرُ : أَنَّ الْكُفَّارَ أَذِلَّاءُ فِي حُكْمِ اللَّهِ فَانْتَفَتْ عَنْهُمْ صِفَةُ الْعِزَّةِ وَكَانَتْ لِلَّهِ وَلِمَنْ جَعَلَهَا لَهُ فِي الْحُكْمِ وَهُمْ الْمُؤْمِنُونَ، فَالْكُفَّارُ وَإِنْ حَصَلَ لَهُمْ ضَرْبٌ مِنْ الْقُوَّةِ وَالْمَنَعَةِ فَغَيْرُ مُسْتَحَقِّينَ لِإِطْلَاقِ اسْمِ الْعِزَّةِ لَهُمْ. أ هـ ﴿أحكام القرآن للجصاص حـ ٣ صـ ٢٧٦ ـ ٢٧٧﴾


الصفحة التالية
Icon