قال الواحدي : أصَلُ العِزَّة في اللُّغَة : الشِّدَّة، ومنه : قيل : للأرْضِ [ الصَّلْبَة ] الشَّديدة : عزَاز ويقال : قد استَعَزَّ المرضُ على المَرِيضِ : إذا اشتدَّ مَرَضُه وكاد أن يَهْلَكَ وعَزَّ الهَمُّ إذا اشْتَدَّ، ومنه :[ عَزَّ ] عليَّ أن يكُون كذا بِمَعْنَى : اشتَدَّ، وعز الشَّيْء : إذا قلَّ حتى لا يَكُادُ يُوجَد ؛ لأنه اشتدَّ مطلبُهُ، واعتز فلانٌ بفلان : إذا اشتَدَّ ظَهْرُه به، وشاةٌ عَزُوزٌ : إذا اشتَدَّ حَلْبُها، والعِزَّة : القُوَّة، منقولة عن الشِّدَّة ؛ لتقارب مَعْنَيْهما، والعَزِيز : القوي المَنِيع بخلاف الذَّلِيل، فالمُنَافِقُون كانوا يَطْلبون العِزَّة والقُوَّة، بسبب اتِّصالهم باليَهُود، فأبطل اللَّه عَلَيْهم هذا الرَّأي بقوله :﴿ فإن العزة لله جميعاً ﴾.
والثاني : قوله :" فإن العزة " لِما في الكلام من معنى الشَّرْط، إذ المَعْنَى : إن إن تَبْتَغُوا من هَؤلاء عِزَّةً ﴿ فإن العزة لله جميعاً ﴾، " جَمِيعاً " : حال من الضَّمِير المُسْتَكِنِّ في قوله :" لِلَّه " لوُقُوعهِ خَبَراً، [ والمعنى : أنَّ العِزَّة ثبتَتْ لِلَّه - تعالى - حالة كونها جَمِيعاً ]. أ هـ ﴿تفسير ابن عادل حـ ٧ صـ ٧٦﴾. بتصرف يسير.
من لطائف الإمام القشيرى فى الآية
قال عليه الرحمة :
﴿الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا (١٣٩)﴾
من اعتصم بمخلوقٍ فقد التجأ إلى غير مُجير، واستند إلى غير كهفٍ، وسقط في مهواة من الغلط بعيد قعرها، شديد مكرها. أيبتغون العِزَّ عند الذي أصابه ذلّ التكوين ؟! متى يكون له عزٌّ على التحقيق ؟ ومَنْ لا عزَّ له يلزمه فكيف يكون له عز يتعدَّى إلى غيره ؟
ويقال لا ندري أي حالتهم أقبح : طلب العز وهم في ذل القهر وأسر القبضة أم حسبان ذلك وتوهمه من غير الله ؟
ويقال مَنْ طَلَبَ الشيء من غير وجهه فالإخفاق غاية جهده، ومن رام الغنى في مواطن الفاقة فالإملاق قصارى كدِّه.
ويقال لو هُدُوا بوجدان العِزِّ لما صُرِفَتْ قُصُودُهم إلى من ليس بيده شيء من الأمر.
قوله :﴿ فَإِنَّ العِزَّةَ للهِ جَمِيعًا ﴾ العزُّ على قسمين : عزٌّ قديمٌ فهو لله وصفاً، وعزٌّ حادثٌ يختص به سبحانه من يشاء فهو له - تعالى - مِلْكاً ومنه لطفاً. أ هـ ﴿لطائف الإشارات حـ ١ صـ ٣٧٥﴾


الصفحة التالية
Icon