﴿ إِنَّكُمْ إِذاً مِّثْلُهُمْ ﴾ فدل بهذا على وجوب اجتناب أصحاب المعاصي إذا ظهر منهم منكر ؛ لأن من لم يجتنبهم فقد رضِي فعلهم، والرّضا بالكفر كفر ؛ قال الله عزّ وجلّ :﴿ إِنَّكُمْ إِذاً مِّثْلُهُمْ ﴾.
فكل من جلس في مجلس معصية ولم ينكِر عليهم يكون معهم في الوِزر سواء، وينبغي أن ينكِر عليهم إذا تكلموا بالمعصية وعمِلوا بها ؛ فإن لم يقدر على النكِير عليهم فينبغي أن يقوم عنهم حتى لا يكون من أهل هذه الآية.
وقد روي عن عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه أنه أخذ قوماً يشربون الخمر، فقيل له عن أحد الحاضرين : إنه صائم، فحمل عليه الأدب وقرأ هذه الآية ﴿ إِنَّكُمْ إِذاً مِّثْلُهُمْ ﴾ أي إن الرضا بالمعصية معصية ؛ ولهذا يؤاخذ الفاعل والراضي بعقوبة المعاصي حتى يهلكوا بأجمعهم.
وهذه المماثلة ليست في جميع الصفات، ولكنه إلزام شبِّه بحكم الظاهر من المقارنة ؛ كما قال :
فكل قرين بالمقارِن يقتدي...
وقد تقدّم.
وإذا ثبت تجنّب أصحاب المعاصي كما بيّنا فتجنب أهل البدع والأهواء أولى.
وقال الكلبيّ : قوله تعالى ﴿ فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حتى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ ﴾ نسخ بقوله تعالى :﴿ وَمَا عَلَى الذين يَتَّقُونَ مِنْ حِسَابِهِم مِّن شَيْءٍ ﴾ [ الأنعام : ٦٩ ].
وقال عامة المفسرين : هي محكمة.
وروى جويبر عن الضحاك قال : دخل في هذه الآية كل محدِث في الدين مُبْتَدِع إلى يوم القيامة. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٥ صـ ٤١٨﴾.