وإن ادّعى دخولهم فقط دون المنافقين الذين هم مؤمنون ظاهراً فلا دليل عليه، كيف وجميع الأحكام متعلقة بالمؤمنين كيف كانوا ولسنا مكلفين بأن نشق على قلوب العباد، بل لنا الظاهر والله تعالى يتولى السرائر، على أنه قد قام الدليل على أن الأحكام الشرعية التي كانت صدر الإسلام ولم تنسخ مخاطب بها من نطق بالكلمة الطيبة وبلغته قبل يوم الساعة، فقد قال الله تعالى :﴿ لاِنذِرَكُمْ بِهِ وَمَن بَلَغَ ﴾ [ الأنعام : ١٩ ] ولهذه الدغدغة قال بعض المحققين : إن المقصود من الخطاب هنا المؤمنون الصادقون، والمراد بمن يكفر ويستهزىء أعم من المنافقين والكافرين، وضمير ﴿ مَعَهُمْ ﴾ للمفهوم من الفعلين، ويؤيد ذلك ما نقل عن الواحدي أنه قال : كان المنافقون يجلسون إلى أحبار اليهود فيسخرون من القرآن فنهى الله تعالى المسلمين عن مجالستهم، والمراد من المماثلة في الجزاء المماثلة في الإثم لأنهم قادرون على الإعراض والإنكار لا عاجزون كما في مكة، أو في الكفر على معنى إن رضيتم بذلك وهو مبني على أن الرضا بكفر الغير كفر من غير تفصيل، وهي رواية عن أبي حنيفة رضي الله تعالى عنه عثر عليها صاحب "الذخيرة".


الصفحة التالية
Icon