وَأَمَّا الَّذِينَ يَقُولُونَ : إِنَّهُمْ يُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الرُّسُلِ وَيَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ. كَأَهْلِ الْكِتَابِ، فَلَا يُعْتَدُّ بِقَوْلِهِمْ، وَلَا يُعَدُّ مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنَ التَّعَصُّبِ لِبَعْضِهِمْ، وَحِفْظِ بَعْضِ الْمَأْثُورِ عَنْهُمْ مِنَ الْأَحْكَامِ وَالْمَوَاعِظِ إِيمَانًا صَحِيحًا، وَإِنَّمَا تِلْكَ تَقَالِيدٌ اعْتَادُوهَا، وَعَصَبِيَّةٌ جِنْسِيَّةٌ أَوْ سِيَاسِيَّةٌ جَرَوْا عَلَيْهَا، وَإِنَّمَا الْإِيمَانُ بِالرِّسَالَةِ عَلَى الْوَجْهِ الصَّحِيحِ الَّذِي يُرْضِي اللهَ تَعَالَى هُوَ مَا كَانَ مَبْنِيًّا عَلَى فَهْمِ مَعْنَى الرِّسَالَةِ وَالْمُرَادِ مِنْهَا وَصِفَاتِ الرُّسُلِ وَوَظَائِفِهِمْ وَتَأْثِيرِ هِدَايَتِهِمْ، وَمِنْ فَهْمِ هَذَا لَا يُمْكِنُ أَنْ يُؤْمِنَ بِمُوسَى وَعِيسَى وَيَكْفُرَ بِمُحَمَّدٍ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ؛ فَإِنَّ صِفَاتِ الرِّسَالَةِ قَدْ ظَهَرَتْ فِي مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَكْمَلِ مَا ظَهَرَتْ فِي غَيْرِهِ، وَالْهِدَايَةَ بِهِ كَانَتْ أَكْبَرَ مِنَ الْهِدَايَةِ بِمَنْ قَبْلَهُ، وَحُجَّتَهُ كَانَتْ أَنْهَضَ، وَطُرُقَ الْعِلْمِ بِهَا أَقْوَى، وَالشُّبْهَةَ عَلَيْهَا


الصفحة التالية
Icon