والثالث : أنهم سألوه أن ينزِّل على طائفة من رؤسائهم كتاباً من السماء بتصديقه، وهذا قول ابن جريج.
﴿ فَقَدْ سَأَلُواْ مُوسَى أَكْبَرَ مِن ذَلِكَ فَقَالُواْ أَرِنَا اللهَ جَهْرَةً ﴾ يحتمل وجهين :
أحدهما : أن الله تعالى بيَّن بذلك أن سؤالهم للإعْنَاتِ لا للاستبصار كما أنهم سألوا موسى أن يريهم الله جهرة، ثم كفروا بعبادة العجل.
والثاني : أنه بيَّن بذلك أنهم سألوا ما ليس لهم، كما أنهم سألوا موسى من ذلك ما ليس لهم.
﴿ فَقَالُواْ أَرِنَا اللهَ جَهْرَةً ﴾ فيه قولان :
أحدهما : أنهم سألوه رؤيته جهرة، أي معاينة.
والثاني : أنهم قالوا : جهرة من القول أّرِنا الله، فيكون على التقديم والتأخير، وهذا قول ابن عباس.
﴿ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ﴾ فيه قولان :
أحدهما : بظلمهم لأنفسهم.
والثاني : بظلمهم في سؤالهم. أ هـ ﴿النكت والعيون حـ ١ صـ ﴾
وقال الآلوسى :
﴿ يَسْئَلُكَ ﴾ يا محمد ﴿ أَهْلِ الكتاب ﴾ الذين فرقوا بين الرسل ﴿ أَن تُنَزّلَ عَلَيْهِمْ كتابا مّنَ السماء ﴾ فقالوا : إن موسى عليه السلام جاء بالألواح من عند الله تعالى فأتنا بألواح من عنده تعالى فطلبوا أن يكون المنزل جملة، وأن يكون بخط سماوي، وروي ذلك عن محمد بن كعب القرظي والسدي.
وعن قتادة أنهم سألوا أن ينزل عليهم كتاباً خاصاً لهم، وقريب منه ما أخرجه ابن جرير عن ابن جريج قال : إن اليهود قالوا لمحمد ﷺ : لن نبايعك على ما تدعونا إليه حتى تأتينا بكتاب من عند الله تعالى من الله تعالى إلى فلان إنك رسول الله وإلى فلان إنك رسول الله، وما كان مقصدهم بذلك إلا التحكم والتعنت، قال الحسن : ولو سألوه ذلك استرشاداً لا عناداً لأعطاهم ما سألوا.
﴿ فَقَدْ سَأَلُواْ موسى ﴾ عليه السلام شيئاً أو سؤالاً.