وقال الزمخشري : بظلمهم بسبب سؤالهم الرؤية، ولو طلبوا أمراً جائزاً لما سموا ظالمين، ولما أخذتهم الصاعقة.
كما سأل ابراهيم عليه السلام أن يريه إحياء الموتى فلم يسمه ظالماً، ولا رماه بالصاعقة للمشبهة ورميا بالصواعق انتهى، وهو على طريقة الاعتزال في استحالة رؤية الله عندهم.
وأهل السنة يعتقدون أنهم لم يسألوا محالاً عقلاً، لكنه ممتنع من جهة الشرع، إذ قد أخبر تعالى على ألسنة أنبيائه أنه لا يرى في هذه الحياة الدنيا، والرؤية في الآخرة ثابتة عن الرسول ﷺ بالتواتر، وهي جائزة عقلاً، وتقدّم الكلام في البقرة على الصاعقة.
وقرأ السلميّ والنخعي : فأخذتهم الصعقة، والجمهور الصاعقة.
﴿ ثم اتخذوا العجل من بعد ما جاءتهم البينات ﴾ ثم : للترتيب في الأخبار لا في نفس الأمر، ثم قد كان من أمرهم أن اتخذوا العجل : أي آباؤهم، والذين صعقوا غير الذين اتخذوا العجل.
والبينات : إجازة البحر، والعصا، وغرق فرعون، وغير ذلك.
وقال الحوفي : أعلم نبيه بعنادهم وإصرارهم فالمعنى : أنه لو نزل عليهم الذي سألوا لخالفوا أمر الله كما خالفوه من بعد إحياء الله لهم من صعقتهم، وعبدوا العجل واتخذوه إلهاً.
﴿ فعفونا عن ذلك ﴾ أي : عن اتخاذهم العجل إلهاً عن جميع ما تقدم من مخالفتهم.
والأوّل أظهر، لأنه قد صرح في قصة العجل بالتوبة.
ويعني : بما امتحنهم به من القتل لأنفسهم، ثم وقع العفو عن الباقين منهم.
﴿ وآتينا موسى سلطاناً مبيناً ﴾ أي : حجة وتسلطاً واستيلاء ظاهراً عليهم حين أمرهم بأن يقتلوا أنفسهم حتى يتاب عليهم فأطاعوه، واحتبوا بأفتيتهم، والسيوف تتساقط عليهم، فيا له من سلطان مبين. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٣ صـ ﴾