ومن فوائد ابن عاشور فى الآية
قال رحمه الله :
لمَّا ذكر معاذير أهل الكتابين في إنكارهم رسالة محمد ﷺ أعقبها بذكر شيء من اقتراحهم مجيء المعجزات على وفق مطالبهم.
والجملة استئناف ابتدائي.
ومجيء المضارع هنا : إمّا لقصد استحضار حالتهم العجيبة في هذا السؤال حتّى كأنّ السامع يراهم كقوله :﴿ ويَصْنَعُ الفُلْك ﴾ [ هود : ٣٨ ]، وقوله :﴿ بل عَجِبْتَ وَيَسْخَرُون ﴾ [ الصافات : ١٢ ]، وقوله :﴿ الله الذي أرسل الرياح فتثير سحاباً ﴾ [ فاطر : ٩ ].
وإمَّا للدلالة على تكرار السؤال وتجدّده المرّة بعد الأخرى بأن يكونوا ألَحّوا في هذا السؤال لِقصد الإعنات، كقول طريف بن تميم العنبري:
بعثوا إليّ عَريفَهم يَتَوَسَّمُ...
أي يكرّر التوسّم.
والمقصود على كلا الاحتمالين التعجيب من هذا السؤال، ولذلك قال بعده :﴿ فقد سألوا موسى ﴾.
والسَّائلُون هم اليهود، سألوا معجزة مثلَ معجزة موسى بأن ينزل عليه مثل ما أنزلت الألواح فيها الكلمات العشر على موسى، ولم يريدوا جميع التوراة كما توهّمه بعض المفسّرين فإنّ كتاب التوراة لم ينزل دفعة واحدة.
فالمراد بأهل الكتاب هنا خصوص اليهود.
والكتاب هنا إمَّا اسم للشيء المكتوب كما نزلت ألواح موسى، وإمّا اسم لقطعة ملتئمة من أوراق مكتوبة، فيكونون قد سألوا معجزة تغاير معجزة موسى.


الصفحة التالية
Icon