ومن فوائد الشيخ الشعراوى فى الآية
قال رحمه الله :
﴿ يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ... الآية ﴾
هذا خطأ منهم في السؤال، وكان المفروض أن يكون : يسألك أهل الكتاب أن تسأل الله أن ينزل عليهم كتاباً. وقد حاول المشركون في مكة أن يجدوا في القرآن ثغرة فلم يجدوا وهم أمة فصاحة وبلاغة ولسان، واعترفوا بأن القرآن عظيم ولكن الآفة بالنسبة إليهم أنه نزل على محمد ﷺ :﴿ وَقَالُواْ لَوْلاَ نُزِّلَ هذا القرآن على رَجُلٍ مِّنَ القريتين عَظِيمٍ ﴾ [ الزخرف : ٣١ ]
هم اعترفوا بعظمة القرآن، واعترافهم بعظمة القرآن مع غيظهم من نزوله على رسول الله ﷺ جعلهم مضطربين فكرياً، لقد اعترفوا بعظمة القرآن بعد أن نظروا إليه.. فمرة قالوا : إنه سحر، ومرة قالوا : إنه من تلقين بعض البشر، وقالوا : إنه شعر، وقالوا : إنه من أساطير الأولين. وكل ذلك رهبة أمام عظمة القرآن. ثم أخيرا قالوا :﴿ لَوْلاَ نُزِّلَ هذا القرآن على رَجُلٍ مِّنَ القريتين عَظِيمٍ ﴾.
ولكن ألم يكن هو القرآن نفسه الذي نزل؟ إذن. فالآفة - عندهم - أنه نزل على محمد ﷺ، وذلك من الحسد :﴿ أَمْ يَحْسُدُونَ الناس على مَآ آتَاهُمُ الله مِن فَضْلِهِ ﴾ [ النساء : ٥٤ ]
لأن قولهم لا يتسم أبداً بالموضوعية، بل كل كلامهم بُعْدٌ عن الحق وتخبط. لقد قالوا مرة عن القرآن : إنه سحر، وعندما سألهم الناس : لماذا لم يسحركم القرآن إذن؟ فليس للمسحور إرادة مع الساحر. ولم يجدوا إجابة. وقالوا مرة عن القرآن : إنه شعر، فتعجب منهم القوم لأنهم أمة الشعر، وقد سبق لهم أن علقوا المعلقات على جدار الكعبة، لكنه كلام التخبط.
إذن فالمسألة كلها تنحصر في رفضهم الإيمان، فإذا أمسكتهم الحجة من تلابيبهم في شيء، انتقلوا إلى شيء آخر.


الصفحة التالية
Icon