وقرأ النَّخَعِيُّ :" الصَّعْقَةُ " وقد تقدَّم تحقيقه في البقرة والباء في " بِظُلْمِهِمْ " سببيةٌ، وتتعلَّق بالأخْذ ]. أ هـ ﴿تفسير ابن عادل حـ ٧ صـ ١٠٤ ـ ١٠٥﴾
من لطائف الإمام القشيرى فى الآية
قال عليه الرحمة :
﴿ يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ فَعَفَوْنَا عَنْ ذَلِكَ وَآَتَيْنَا مُوسَى سُلْطَانًا مُبِينًا (١٥٣) ﴾
اشتملت الآية على جنسين من قبيح ما فعلوه : أحدهما سؤالهم الرؤية والثاني عبادة العجل بعدما ظهرت لهم الآيات الباهرة.
فأمّا سؤالهم الرؤية فَذُمُّوا عليه لأنهم اقترحوا عليه ذلك بعد ما قطع عذرهم بإقامة المعجزات، ثم طلبوا الرؤية لا على وجه التعليم، أو على موجب التصديق به، أو على ما تحملهم عليه شدة الاشتياق، وكل ذلك سوء أدب.
الإشارة فيه أيضاً أنْ مَنْ يكتفي بأن يكون العجلُ معبودَه - متى - يسلم له أن يكون الحقُّ مشهودَه؟
ويقال القومُ لم يباشِرْ العرفانُ أسرارَهم فلذلك عكفوا بعقولهم (١) على ما يليق بهم من محدودٍ جوَّزوا أنْ يكون معبودَهم.
قوله جلّ ذكره :﴿ وَآتَيْنَا مُوسَى سُلْطَانًا مُّبِينًا ﴾.
حجةً ظاهرةً، بل تفرداً صَانَه من التمثيل والتعطيل.
والسلطان المبين التحصيل والتنزيه المانع من التعطيل والتشبيه.
ويقال السلطان المبين القوة بسماع الخطاب من غير واسطة.
ويقال السلطان المبين لهذه الأمة غداً، وهو بقاؤهم في حال لقائهم - قال ﷺ :" لا تضامون في رؤيته " - في خبر الرؤية. أ هـ ﴿لطائف الإشارات حـ ١ صـ ٣٨٥ ـ ٣٨٦﴾
(١) هذا كلام له أهمية قصوى فى تحديد مدى تقدير القشيري لقيمة العقل.
فنحن نعرف من مذهبه فى المعرفة أن العقل يعول عليه فقط فى البداية، يقول في رسالته ص ١٩٧ (تجب البداءة بتصحيح اعتقاد بين العبد وبين اللّه تعالى صاف عن الظنون والشبه خال من الضلال والبدع صادر عن البراهين والحجج) ولكن العقل بعدئذ غير جدير بمواصلة الصعود إلى ما هو أعلى من ذلك لأنه يصاب بآفات (التجويز والتحير والتوهم والتحدد) ويناط بغير العقل من الملكات الأخرى وهى القلب والروح والسر وعين السر أو سر السر أن تواصل القصود نحو الذرى العليا. فما أشبه الذين يريدون تطبيق الوسائل العقلية على الربوبية بمن عبدوا العجل! وعكفوا بعقولهم على المحدود!