فأريد إدغام تائه في الدال فنقلت حركتها إلى العين وقلبت دالاً وأدغمت، وأما السكون المحض فشيء لا يراه النحويون لأنه جمع بين ساكنين على غير حدّهما، وأما الإخفاء والاختلاس فهو أخف من ذلك لما أنه قريب من الإتيان بحركة مّا، وقرأ الأعمش تعتدوا على الأصل، وأصل تعدوا في القراءة المشهورة تعدووا بواوين الأولى واو الكلمة والثانية ضمير الفاعل فاستثقلت الضمة على لام الكلمة فحذفت فالتقى ساكنان فحذف الأول وهو الواو الأولى وبقي ضمير الفاعل.
﴿ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ ميثاقا غَلِيظاً ﴾ أي عهداً وثيقاً مؤكداً بأن يأتمروا بأوامر الله تعالى وينتهوا عن مناهيه، قيل : هو قولهم : سمعنا وأطعنا وكونه ﴿ ميثاقا ﴾ ظاهر، وكونه ﴿ غَلِيظاً ﴾ يؤخذ من التعبير بالماضي، أو من عطف الإطاعة على السمع بناءاً على تفسيره بها، وفي أخذ ذلك مما ذكر خفاء لايخفى، وحكي أنهم بعد أن قبلوا ما كلفوا به من الدين أعطوا الميثاق على أنهم إن هموا بالرجوع عنه فالله تعالى يعذبهم بأي أنواع العذاب أراد، فإن صح هذا كانت وكادة الميثاق في غاية الظهور، وزعم بعضهم أن هذا الميثاق هو الميثاق الذي أخذه الله تعالى على الأنبياء عليهم الصلاة والسلام بالتصديق بمحمد ﷺ والإيمان به، وهو المذكور في قوله تعالى :﴿ وَإِذْ أَخَذَ الله ميثاق النبيين لَمَا ءاتَيْتُكُم ﴾ [ آل عمران : ٨١ ] الآية، وكونه ﴿ غَلِيظاً ﴾ باعتبار أخذه من كل نبي نبي من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وأخذ كل واحد واحد له من أمته فهو ميثاق مؤكد متكرر، ولا يخفى أنه خلاف الظاهر الذي يقتضيه السياق. أ هـ ﴿ روح المعانى حـ ٦ صـ ﴾