﴿ فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا (١٥٥) ﴾
التفريع على قوله :﴿ وأخذنا منهم ميثاقا غليظا ﴾ [ النساء : ١٥٤ ] والباء للسبيبة جَارّة ل ﴿ نقضهم ﴾، و( وما ) مزيدة بعد الباء لتوكيد التسبّب.
وحرف ( ما ) المزيد بعد الباء لا يكفّ الباء عن عمل الجرّ وكذلك إذا زيد ( ما ) بعد ( من ) وبعد ( عن ).
وأمّا إذا زيد بعد كاف الجرّ وبعد ربّ فإنّه يكفّ الحرف عن عمل الجرّ.
ومتعلَّق قوله ﴿ بما نقضهم ﴾ : يجوز أن يكون محذوفاً، لتذهب نَفْس السامع في مذاهب الهول، وتقديره : فعَلْنا بهم ما فَعَلْنا.
ويجوز أن يتعلّق بـ ﴿ حرّمْنا عليهم طيّبات أحلّت لهم ﴾ [ النساء : ١٦٠ ]، وما بينهما مستطردات، ويكون قوله :﴿ فبظلم من الذين هَادُوا ﴾ [ النساء : ١٦٠ ] كالفذلكة الجامعة لِجرائمهم المعدودة من قبل.
ولا يصلح تعليق المجرور بـ ﴿ طَبَعَ ﴾ لأنَّه وقع ردّا على قولهم :﴿ قلوبنا غلف ﴾، وهو من جملة المعطوفات الطالبة للتعلّق، لكن يجوز أن يكون "طبع" دليلاً على الجواب المحذوف.
وتقدّم تفسير هذه الأحداث المذكورة هنا في مواضعها.
وتقدّم المتعلِّق لإفادة الحصر : وهو أن ليس التحريم إلاّ لأجلِ ما صنعوه، فالمعنى : ما حرمنا عليهم طيّبات إلاّ بسبب نقضهم، وأكّد معنى الحصر والسَّبب بما الزائدة، فأفادت الجملة حصراً وتأكيداً.
وقوله :﴿ بل طبع الله عليها بكفرهم ﴾ اعتراض بين المعَاطيف.
والطبع : إحْكام الغلق بجعل طين ونحوه على سدّ المغلوق بحيث لا ينفذ إليه مستخرِج ما فيه إلاّ بعد إزالة ذلك الشيء المطبوع به، وقد يَسِمُون على ذلك الغلق بسمة تترك رسماً في ذلك المجعول، وتسمّى الآلة الواسمة طابعاً بفتح الباء فهو يرادف الخَتْم.


الصفحة التالية
Icon