والمتحدَّى يحاول دائماً أن يتصيد خطأ ما، ولم يقل واحد من العرب إن في القرآن لحناً، وهذا دليل على أن الأسلوب القرآني يتفق مع الملكة العربية.
وقوله الحق :﴿ فَبِمَا نَقْضِهِم ﴾ هي في الأصل : بنقضهم الميثاق فعلنا بهم ما صاروا إليه، و" ما " جاءت هنا لماذا؟ قال بعض العلماء : إنها " ما " زائدة، وهي زائدة للتأكيد. ونكرر : إياك أن تقول إن في كلام الله حرفاً زائداً، لقد جاءت " ما " هنا لمعنى واضح. والحق في موقع آخر من القرآن يقول :﴿ مَا جَآءَنَا مِن بَشِيرٍ وَلاَ نَذِيرٍ ﴾ [ المائدة : ١٩ ]
وقالوا : إن أصل العبارة " ما جاءنا بشير "، وإن " مِن " جاءت زائدة حتى يتسق اللفظ. ونقول : لو أن العبارة جاءت كما قالوا لما استقام المعنى، ولإيضاح ذلك أضرب هذا المثل - ولله المثل الأعلى - عندما يقول واحد :" ما عندي مال " فهذا نفى أن يكون عند القائل مال، ولعل لديه قدراً من المال القليل الذي لا يستأهل أن يسميه مالاً.
ولكن إذا قال واحد :" ما عندي من مال " فالمعنى أنه لا يملك المال على إطلاقه أي أنه مفلس تماماً، ولا يملك أي شيء من بداية ما يقال إنه مال. إذن " ما جاءنا بشير " ليست مثل قوله :" ما جاءنا من بشير ". فالمعنى أنه لم يأتهم أي رسول بشير أو نذير من بداية ما يقال إنه رسول.


الصفحة التالية
Icon