وقال أبو حيان :
﴿ إن تبدوا خيراً أو تخفوه أو تعفوا عن سوء فإن الله كان عفواً قديراً ﴾ الظاهر أنّ الهاء في تخفوه تعود على الخير.
قال ابن عباس : يريد من أعمال البر كالصيام والصدقة.
وقال بعضهم : في تخفوه عائد على السوء، والمعنى : أنه تعالى لما أباح الجهر بالسوء لمن كان مظلوماً قال له ولجنسه : إن تبدو خيراً، بدل من السوء، أو تخفوا السوء، أو تعفوا عن سوء.
فالعفو أولى وإن كان غير المعفو مباحاً انتهى.
وذكر إبداء الخير وإخفاءه تسبباً لذلك العفو، ثم عطفه عليهما تنبيهاً على منزلته واعتداداً به، وإن كان مندرجاً في إبداء الخير وإخفائه، فجعله قسماً بالعطف لا قسيماً اعتناء به.
ولذلك أتى سبحانه وتعالى بصفة العفو والقدرة منسوبة له تعالى ليقتدى بسنته، ويتخلق بشيء من صفاته تعالى.
والمعنى : أنه يعفو عن الجانين مع قدرته على الانتقام، وكان بالصفتين على طريق المبالغة تنبيهاً على أنّ العبد ينبغي أن يكثر منه العفو مع كثرة القدرة على الانتقام.
وفي الحديث الصحيح :" من كظم غيظاً وهو يقدر على إنفاذه ملأ الله قلبه أمناً وإيماناً ".
وقال تعالى :﴿ والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس ﴾ وقال الحسن : المعنى أنه تعالى يعفو عن الجانين مع قدرته على الانتقام فعليكم بالعفو.
وقال الكلبي : معناه أني أقدر على العفو عن ذنوبك منك على عفوك عن صاحبك.
وقيل : عفواً لمن عفى قديراً على إيصال الثواب إليه. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٣ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon