والجواب عن الأول : إن قوله تعالى "إن تبدوا خيرا أو تخفوه " مقصود به خصوص طرف الخير وعمل البر جريا على ما دارت عليه سورة النساء وتردد فيها من إصلاح ذات البين والندب إلى العفو والتجاوز عن السيئات ألا ترى قوله تعالى لمقتسمى الميراث فيمن حضره من ذوى القربى وذوى الحاجات "فارزقوهم منه وقولوا لهم قولا معروفا " وقوله فى الآيتين الفحشة "فإن تابا وأصلحا فأعرضوا عنهما " وقوله فى النساء "وعاشروهن بالمعروف " وقوله "فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا " وقوله "فأعرض عنهم وعظهم " وقوله "وإن تصلحوا وتتقوا فإن الله كان غفورا رحيما " إلى أمثال هذه الآى مما يطول ذكره ولا يكثر فى غير هذه السورة ككثرته فيها ومن هنا لم يتعرض فيها لأحكام الطلاق وان كانت السورة مبنية على أحكام النساء لكن خص من ذلك ما فيه التآلف والإصلاح وما يرجع إلى ذلك ولم يرد فيها من أحكام الطلاق الا ما أشار إليه قوله تعالى "وإن يتفرقا يغن الله كلا من سعته " فذكر هذا القدر عند استدعاء معنى الكلام وتمام المقصود به إليه بأوجز لفظ وبما يؤنس الفريقين ولم يذكر فيها اللعان ولا الظهار ولا الخلع ولا طلاق الثلاث بل ذكر فيها استحاب العشرة إلى التوارث فلما كان مبنى السورة على هذا ناسب لك طرف الخير غير مشار إلى ضده الا بالعفو عما وقع بالمكلف فيه فقال تعالى :"إن تبدوا خيرا أو تخفوه أو تعفوا عن سوء " فنوسب بهذا الخصوص خصوص ما تكرر فى السورة بما ذكر من العفو وما يحرزه وفى سورة البقرة :"وأن تعفوا أقرب للتقوى " وذلك فى مثل ما تقدم هنا من أحكام النساء.