ومن الممكن أن نقول : إن هناك خلقاً كثيراً قد سبقوا آدم في الوجود، ولكن آدم هو أول الجنس البشري. وعندما خلقه الله علمه الأسماء كلها حتى يستطيع أن يسير في الوجود، فلو لم يكن قد تعلم الأسماء لما استطاع أن يتحدث مع ولد من أولاده، ولما استطاع - على سبيل المثال - أن يقول لابن من أبنائه : انظر أاشرقت الشمس أم لا؟
إذن كان لا بد لآدم من معرفة الأسماء كلها من خلال معلم ؛ لأن اللغة بنت المحاكاة ؛ لأن أحداً لا يستطيع أن يتكلم كلمة إلا بعد أن يكون قد سمعها.
والواحد منا سمع من أبيه، والآباء سمعوا من الأجداد، وتتوالى المسألة إلى أن تصل إلى آدم، فممن سمع آدم حتى يتكلم أول كلمة؟ لا بد أنه الله، وهذه مسألة يجب أن يعترف بها كل إنسان عاقل. إذن قول الحق في قرآنه :﴿ وَعَلَّمَ ءَادَمَ الأسمآء كُلَّهَا ﴾ [ البقرة : ٣١ ]
هو كلام منطقي بالإحصاء الاستقرائي، وهو قول يتميز بمنتهى الصدق.
والإنسان منا عندما يعلم ابنه الكلام يعلمه الأسماء. أما الأفعال فلا أحد يعرف كيف تعلمها. الإنسان يقول لابنه : هذا كوب، وهذه منضدة، وذلك طبق، وهذا طعام، لكن لا أحد يقول لابنه :" شرب " معناها كذا، و" أكل " معناها كذا. إذن فالخميرة الأولى للكلام هي الأسماء، وبعد ذلك تأتي المزاولات والممارسات ليتعلم الإنسان الأفعال.
لقد ترك الحق لنا في كونه أدلة عظيمة تناسب عظمته كخالق لهذا الكون. والرسول هو الذي يأتي بالبلاغ عنه سبحانه، فيقول لنا اسم القوة :" الله "، وصفاتها هي " كذا "، ومن يطعها يدخل الجنة، ومن يعصها يدخل النار، ولو لم يوجد رسول نظل تائهين ولا نعرف اسم القوة الخالقة ولا نعرف مطلوبها، وهذا ما يرد به على الجماعة التي تعبد الشمس أو تعبد القمر أو النجوم ونقول لهم : هل أنتم تعبدون الشمس؟ لعلكم فعلتم ذلك لأنها أكبر قوة في نظركم.