لَا يُحِبُّ اللهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ وَلَا الْإِسْرَارَ بِهِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ نَهْيِهِ تَعَالَى عَنِ النَّجْوَى بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ، وَأَمْرِهِ بِالتَّنَاجِي بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى فَقَطْ. وَإِنَّمَا خَصَّ الْجَهْرَ هُنَا بِالذِّكْرِ لِمُنَاسَبَةِ بَيَانِ مَفَاسِدِ الْكُفَّارِ وَالْمُنَافِقِينَ فِي هَذَا السِّيَاقِ كَمَا عَلِمْتَ. وَالْجَهْرُ بِالسُّوءِ أَشَدُّ ضَرَرًا مِنَ الْإِسْرَارِ بِهِ ; لِأَنَّ ضَرَرَهُ وَفَسَادَهُ يَفْشُو فِي جُمْهُورِ النَّاسِ حَتَّى لَا يَكَادَ يَسْلَمُ مِنْهُ أَحَدٌ. وَقَدْ قُلْتُ يَوْمًا لِلْعَالِمِ اللُّغَوِيِّ الرَّاوِيَةِ الشَّهِيرِ الشَّيْخِ مُحَمَّد مَحْمُود بْنِ التَّلَامِيدِ التَّرْكَزِيِّ الشِّنْقِيطِيِّ : إِنَّنِي أَنْكَرْتُ نَفْسِي فِي مِصْرَ فَإِنَّ كَثْرَةَ رُؤْيَتِي لِلْمُنْكَرَاتِ فِيهَا كَكَشْفِ الْعَوْرَاتِ فِي الْحَمَّامَاتِ، وَشُرْبِ الْخَمْرِ عَلَى أَفَارِيزِ الطُّرُقَاتِ، وَكَثْرَةِ سَمَاعِي لِقَوْلِ السُّوءِ خَفَّفَ اسْتِبْشَاعَ ذَلِكَ فِي نَفْسِي وَضَعُفَ كُرْهُ أَصْحَابِهِ وَالنُّفُورُ مِنْهُمْ، فَإِنَّنِي كُنْتُ فِي بَلَدِي الْقَلَمُونِ الْمُجَاوِرَةِ لِطَرَابُلُسَ الشَّامِ، إِذَا سَمِعْتُ بِأَنَّ