إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا، لَمَّا بَيَّنَ تَعَالَى أَنَّهُ لَا يُحِبُّ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ بِغَيْرِ عُذْرِ الظُّلْمِ، بَيَّنَ تَعَالَى حُكْمَ إِبْدَاءِ الْخَيْرِ وَإِخْفَائِهِ سَوَاءٌ كَانَ قَوْلًا أَوْ عَمَلًا، وَحُكْمَ الْعَفْوِ عَنِ السُّوءِ وَعَدَمِ مُؤَاخَذَةِ فَاعِلِهِ بِهِ، وَهُوَ أَنَّ فَاعِلِي الْخَيْرَاتِ، جَهْرًا أَوْ سِرًّا، وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ الَّذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْهِمْ يَجْزِيهِمْ، سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، مِنْ جِنْسِ عَمَلِهِمْ، فَيَعْفُو عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ، وَيُجْزِلُ مَثُوبَتَهُمْ، وَكَانَ شَأْنُهُ الْعَفْوَ وَهُوَ الْقَدِيرُ الَّذِي لَا يُعْجِزُهُ الثَّوَابُ الْكَثِيرُ عَلَى الْعَمَلِ الْقَلِيلِ، وَإِذَا عَفَا فَإِنَّمَا يَعْفُو عَنْ قُدْرَةٍ كَامِلَةٍ عَلَى الْعِقَابِ، فَصِيغَةُ الْمُبَالَغَةِ مِنَ الْقُدْرَةِ (وَهِيَ كَلِمَةُ قَدِيرٍ) هِيَ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى إِجْزَالِ الْمَثُوبَةِ وَعَلَى التَّرْغِيبِ فِي الْعَفْوِ