عظيماً وعذاباً أليماً، وشدة تجل عن الوصف من القتل، والعذاب، واستباحة الحريم، والأموال، وقتل ألوف مؤلفة من النصارى، وعذبوا مارجرجس أصناف العذاب ثم قتلوه، وفي زمنهما ضربت عنق بطرس بترك الإسكندرية، وكان له تلميذان، وكان في زمنه "أريوس" يقول: إن الأب وحده الله الفرد الصمد، والابن مخلوق مصنوع، وقد كان الأب إذ لم يكن الابن. فقال بطرس لتلميذيه: إن المسيح لعن أريوس، فاحذرا أن تقبلا قوله، فإني رأيت المسيح في النوم مشقوق الثوب، فقلت: يا سيدي، من شق ثوبك؟، فقال لي: "أريوس"، فاحذروا أن تقبلوه، أو يدخل معكم الكنيسة. وبعد قتل بطرس بخمس سنين صير أحد تلميذيه بتركاً على الإسكندرية فأقام ستة أشهر ومات، ولما جرى على أريوس ماجرى أظهر أنه قد رجع عن مقالته فقبله هذا البترك، وأدخله الكنيسة وجعله قسيساً.
ثم قام قيصر آخر، فجعل يتطلب النصارى ويقتلهم، حتى صب الله عليه النقمة، فهلك شر هلكة.
ثم قام بعده قيصران:
أحدهما: ملك الشام وأرض الروم وبعض الشرق. والآخر: رومية وما جاورها. وكانا كالسباع الضارية على النصارى، فعلا بهم من القتل والسبى والجلاء مالم يفعله بهم ملك قبله، وملك معهما "قسطنطين" أبو قسطنطين، وكان ديناً، يبغض الأصنام، محباً للنصارى، فخرج إلى ناحية الجزيرة والرها، فنزل في قرية من قرى الرها، فرأى امرأة جميلة يقال لها "هيلانة"، وكانت قد تنصرت على يدي أسقف الرها، وتعلمت قراءة الكتب فخطبها قسطنطين من أبيها فزوجه إياها، فحبلت منه وولدت قسطنطين فتربى بالرها، وتعلم حكمة اليونان، وكان جميل الوجه قليل الشر محباً للحكمة، وكان "عليانوس" ملك الروم حينئذ رجلاً فاجراً شديد البأس، مبغضاً للنصارى جداً، كثير القتل فيهم، محباً للنساء، لم يترك للنصارى بنتاً جميلة إلا أفسدها، وكذلك أصحابه، وكان النصارى في جهد جهيد معه، فبلغه خبر قسطنطين وأنه غلام هاد قليل الشر كثير العلم، وأخبره المنجمون والكهنة