إحداها: كسر الأصنام وقتل من يعبدها. والثانية: أمر أن لا يثبت في الديوان إلا أولاد النصارى، ويكونون هم الأمراء والقواد. والثالثة: أن يقيم للناس جمعة الفصح، والجمعة التي بعدها لا يعلمون فيها عملاً ولا يكون فيها حرب.
وتقدم قسطنطين إلى أسقف بيت المقدس أن يطلب موضع المقبرة والصليب، ويبني الكنائس، ويبدأ ببناء القيامة، فقالت هيلانة أمه: إني نذرت أن أسير إلى بيت المقدس، وأطلب المواضع المقدسة وأبنيها، فدفع إليها الملك أموالاً جزيلة، وسارت مع أسقف بيت المقدس، فبنت كنيسة القيامة في موضع الصليب، وكنيسة قسطنطين.
ثم اجتمعوا بعد هذا مجمعاً عظيماً ببيت المقدس، وكان معهم رجل دسه بترك القسطنطينية، وجماعة معه ليسألوا بترك الإسكندرية، وكان هذا الرجل لما رجع إلى الملك أظهر أنه مخالف لأريوس، وكان يرى رأيه ويقول بمقالته، فقام الرجل وقال: إن "أريوس" لم يقل إن المسيح خلق الإنسان، ولكن قال به: خلقت الأشياء، لأنه كلمة الله التي بها خلقت السموات والأرض، وإنما خلق الله الأشياء بكلمته، ولم تخلق الأشياء كلمته كما قال المسيح في الإنجيل: "كل بيده كان، ومن دونه لم يكن شيء"، وقال: "به كانت الحياة والحياة نور البشر"، وقال: "العالم به يكون"، فأخبر أن الأشياء به تكونت.
قال ابن البطريق: "فهذه كانت مقالة أريوس، ولكن الثلاثمائة وثمانية عشر أسقفاً تعدوا عليه، وحرفوه ظلماً وعدواناً، فرد عليه بترك الإسكندرية وقال: أما أريوس فلم تكذب عليه الثلاثمائة وثمانية عشر أسقفاً، ولا ظلموه لأنه إنما قال: الابن خالق الأشياء دون الأب، وإذا كانت الأشياء إنما خلقت بالابن دون أن يكون الأب لها خالقاً فقد