الكتاب إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ }، وقيل : الضمير الأول لله تعالى ولا يخفى بعده، وأبعد من ذلك أنه لمحمد ﷺ، وروي هذا عن عكرمة، ويضعفه أنه لم يجر له عليه الصلاة والسلام ذكر هنا، ولا ضرورة توجب رد الكناية إليه، لا أنه كما زعم الطبري لو كان صحيحاً لما جاز إجراء أحكام الكفار على أهل الكتاب بعد موتهم لأن ذلك الإيمان إنما هو في حال زوال التكليف فلا يعتد به.
﴿ وَيَوْمَ القيامة يَكُونُ ﴾ أي عيسى عليه السلام ﴿ عَلَيْهِمْ ﴾ أي أهل الكتاب ﴿ شَهِيداً ﴾ فيشهد على اليهود بتكذيبهم إياه وعلى النصارى بقولهم فيه : إنه ابن الله تعالى، والظرف متعلق بشهيداً وتقديمه يدل على جواز تقديم خبر كان مطلقاً، أو إذا كان ظرفاً أو مجروراً لأن المعمول إنما يتقدم حيث يصح تقديم عامله، وجوز أبو البقاء كون العامل فيه يكون. أ هـ ﴿ روح المعانى حـ ٦ صـ ﴾
وقال ابن عاشور :
﴿ وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا (١٥٩) ﴾
عطف على جملة ﴿ وما قتلوه ﴾ [ النساء : ١٥٧ ].
وهذا الكلام إخبار عنهم، وليس أمراً لهم، لأنّ وقوع لام الابتداء فيه ينادي على الخبرية.
و﴿ إن ﴾ نافية و﴿ من أهل الكتاب ﴾ صفة لموصوف محذوف تقديره : أحد.
والضمير المجرور عائد لعيسى : أيّ ليومنَنّ بعيسى، والضمير في ﴿ موته ﴾ يحتمل أن يعود إلى أحد أهل الكتاب، أي قبل أن يموت الكتابيّ، ويؤيّده قراءة أبَي بن كعب ﴿ إلا ليؤمنن به قبل موته ﴾.
وأهل الكتاب يطلق على اليهود والنّصارى ؛ فأمّا النصارى فهم مؤمنون بعيسى من قبل، فيتعيّن أن يكون المراد بأهل الكتاب اليهود.