" فوائد لغوية وإعرابية "
قال ابن عادل :
﴿ وَإِن مِّنْ أَهْلِ الكتاب إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ ﴾، " إنْ " هنا نافيةٌ بمعنى " مَا "، و" مِنْ أهْلِ " يجوز فيه وجهان :
أحدهما : أنه صفة لمبتدأ محذوف، والخبرُ الجملةُ القسمية المحذوفة وجوابها، والتقدير : وما أحدٌ من أهل الكتاب إلاَّ واللَّهِ ليُؤمِننَّ به، فهو كقوله :﴿ وَمَا مِنَّآ إِلاَّ لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ ﴾ [ الصافات : ١٦٤ ]، أي : ما أحدٌ مِنَّا، وكقوله :﴿ وَإِن مِّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا ﴾ [ مريم : ٧١ ] أي : مَا أحَدٌ مِنْكُمْ إلاَّ وَارِدُها، هذا هو الظاهر.
والثاني - وبه قال الزمخشري وأبو البقاء - : أنه في محلِّ الخبر، قال الزمخشري :" وجملة " لَيُؤْمِنَنَّ به " جملةٌ قسمية واقعة صفة لموصوف محذوف، تقديره : وَإنْ مِنْ أهْلِ الكِتاب أحَدٌ إلاَّ ليُؤمِنَنَّ بِهِ، ونحوه :﴿ وما منا إلا له مقام معلوم ﴾ ﴿ وإن منكم إلا واردها ﴾، والمعنى :" وما من اليهود أحَدٌ إلاَّ ليُؤمنَنَّ "، قال أبو حيان :" وهو غلطٌ فاحشٌ ؛ إذ زعم أن " لَيُؤْمِنَنَّ بِه " جملة قسمية واقعةٌ صفةً لموصوف محذوف إلى آخره، وصفة " أحَد " المحذوف إنما الجار والمجرور ؛ كما قَدَّرناه، وأمَّا قوله :" لَيُؤْمِنَنَّ بِه "، فليستْ صفةً لموصوف، ولا هي جملة قسمية، إنما هي جملة جواب القَسَم، والقسم محذوفٌ، والقسمُ وجوابُه خبر للمبتدأ، إذ لا ينتظم من " أحَد "، والمجرور إسناد ؛ لأنه لا يفيد، وإنما ينتظم الإسنادُ بالجملة القسمية وجوابها، فذلك هو مَحَطُّ الفائدةِ، وكذلك أيضاً الخبرُ هو ﴿ إِلاَّ لَهُ مَقَامٌ ﴾، وكذلك " إِلاَّ وَارِدُهَا " ؛ إذ لا ينتظم مما قبل " إلاَّ " تركيب إسناديٌّ ".


الصفحة التالية
Icon