ثم حكى عنهم سائر جهالاتهم واصرارهم على أباطيلهم منها أنه تعالى رفع الطور بميثاقهم أي بسبب ميثاقهم ليخافوا فلا ينقضوه، ومنها قصة دخولهم الباب باب بيت المقدس، ومنها قصة اعتدائهم في السبت باصطياد السمك وقد مر جميع هذه القصص في سورة البقرة، وقيل : إن العدو ههنا ليس بمعنى الاعتداء وإنما هو بمعنى الحضر والمراد به النهي عن العمل والكسب يوم السبت كأنه قيل لهم : اسكنوا عن العمل في هذا اليوم واقعدوا في منازلكم فأنا الرزاق. ثم قال :﴿ وأخذنا منهم ميثاقاً غليظاً ﴾ أي العهد المؤكد غاية التوكيد على أن يتمسكوا بالتوراة ويعملوا بما فيها ﴿ فبما نقضهم ﴾ " ما " مزيدة للتوكيد أي فبنقضهم وبسبب كذا وكذا ثم قال :﴿ بل طبع الله عليها ﴾ ردّاً لقولهم قلوبنا أوعية للعلم وتنبيهاًَ على أنه تعالى ختم عليها فلهذا لا يصل أثره الدعوة البيان إليها، أو تكذيباً لادعائهم إن قلوبنا في أكنة وذلك بحسب تفسيري الغلف كما مر في سورة البقرة ﴿ فلا يؤمنون إلاّ ﴾ إيماناً ﴿ قليلاً ﴾ وهو إيمانهم بموسى والتوراة على زعمهم وإلا فالكافر بنبي واحد كافر بجميع الأنبياء فالقلة في الحقيقة بمعنى العدم ﴿ وبكفرهم وقولهم على مريم بهتاناً عظيماً ﴾ فإنكارهم قدرة الله تعالى على خلق الولد من غير أب وكذا إنكارهم نبوة عيسى كفر ونسبتهم الزنا لمريم بهتان عظيم لأنه ظهر لهم عند ولادة عيسى من الكرامات والمعجزات ما دلهم على براءتها من كل سوء ﴿ وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى بن مريم رسول الله ﴾ قالوه على وجه الاستهزاء كقول فرعون ﴿ إن رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنون ﴾ [ الشعراء : ٢٧ ] أو أنه تعالى جعل الذكر الحسن مكان القبيح الذي كانوا يطلقونه عليه من الساحر ابن الساحرة والفاعل ابن الفاعلة. ﴿ وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه ﴾ أي المقتول ﴿ لهم ﴾ لدلالة ذكر قتلنا على المقتول، أو يكون شبه مسنداً إلى الجار والمجرور وهولهم أي وقع لهم التشبيه، ولا يجوز