وفي هذه الآية تنبيهٌ على قدر نبينا ﷺ وشرفه حيث قدّمه في الذكر على أنبيائه ؛ ومثله قوله تعالى :﴿ وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النبيين مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِن نُّوحٍ ﴾ [ الأحزاب : ٧ ] الآية ؛ ونوح مشتق من النَّوْح ؛ وقد تقدّم ذكره مَوْعَبا في "آل عمران" وانصرف وهو اسم أعجمي ؛ لأنه على ثلاثة أحرف فخفّ ؛ فأما إبراهيم وإسماعيل وإسحاق فأعجمية وهي معرفة ولذلك لم تنصرف، وكذا يعقوب وعيسى وموسى إلا أن عيسى وموسى يجوز أن تكون الألف فيهما للتأنيث فلا ينصرفان في معرفة ولا نَكِرة ؛ فأما يُونس ويُوسف فروى عن الحسن أنه قرأ "ويُونِس" بكسر النون وكذا "يُوسِف" يجعلهما من آنس وآسف، ويجب على هذا أن يُصرفا ويُهمزا ويكون جمعهما يآنِس ويآسِفُ.
ومن لم يهمز قال : يوانِس ويواسف.
وحكى أبو زيد : يونس ويوسف بفتح النون والسين ؛ قال المهدوي : وكأن "يونِس" في الأصل فِعل مبني للفاعل، و"يونَس" فعل مبني للمفعول، فسمي بهما. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٦ صـ ﴾

فصل


قال الفخر :
قرأ حمزة ﴿زَبُوراً﴾ بضم الزاي في كل القرآن، والباقون بفتحها، حجة حمزة أن الزبور مصدر في الأصل، ثم استعمل في المفعول كقولهم : ضرب الأمير، ونسج فلان فصار اسماً ثم جمع على زبر كشهود وشهد، والمصدر إذا أقيم مقام المفعول فإنه يجوز جمعه كما يجمع الكتاب على كتب، فعلى هذا، الزبور الكتاب، والزبر بضم الزاي الكتب، أما قراءة الباقين فهي أولى لأنها أشهر، والقراءة بها أكثر. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١١ صـ ٨٧﴾
وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُوراً ﴾ الزّبور كتاب داود وكان مائة وخمسين سورة ليس فيها حكم ولا حلال ولا حرام، وإنما هي حِكَم ومواعظ.
والزَّبْر الكتابة، والزبور بمعنى المزبور أي المكتوب، كالرَّسول والرَّكُوب والحَلوب.


الصفحة التالية
Icon