﴿ وَرُسُلاً لَّمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ ﴾ أي من قبل فلا تنافي الآية ما ورد في الخبر من أن الرسل ثلثمائة وثلاثة عشر، والأنبياء مائة ألف وأربعة وعشرون ألفاً، وعن كعب أنهم ألف ألف وأربعمائة ألف وأربعة وعشرون ألفاً لأن نفي قصهم من قبل لا يستلزم نفي قصهم مطلقاً، فإن نفي الخاص لا يستلزم نفي العام، فيمكن أن يكون قصهم عليه ﷺ بعد فعلمهم، فأخبر بما أخبر على أن القبلية تفهم من الكلام ولو لم تكن في القابل لأن ﴿ لَمْ ﴾ في المشهور إذا دخلت على المضارع تقلب معناه للمضي على أن القص ذكر الأخبار، ولا يلزم من نفي ذكر أخبارهم له ﷺ نفي ذكر عددهم مجرداً من ذكر الأخبار والقصص، فيمكن أن يقال : لم يذكر سبحانه له ﷺ أخبارهم أصلاً لكن ذكر جل شأنه له عليه الصلاة والسلام أنهم كذا رجلاً فاندفع ما توهمه بعض المعاصرين من أن الآية نص في عدم علمه وحاشاه عليه الصلاة والسلام عدة المرسلين عليهم الصلاة والسلام فيأخذ بها ويرد الحديث وكأن الذي أوقعه في الوهم كلام بعض المحققين والأولى أن لا يقتصر على عدد الآية، فأخطأ في الفهم ومات في ربقة التقليد نسأل الله تعالى العافية.
﴿ وَكَلَّمَ الله موسى ﴾ برفع الجلالة ونصب موسى، وعن إبراهيم ويحيى بن وثاب أنهما قرآ على القلب.
﴿ تَكْلِيماً ﴾ مصدر مؤكد رافع لاحتمال المجاز على ما ذكره غير واحد، ونظر فيه الشهاب بأنه مؤكد للفعل فيرفع المجاز عنه، وأما رفعه المجاز عن الإسناد بأن يكون المكلم رسله من الملائكة، كما يقال : قال الخليفة كذا إذا قاله وزيره فلا، مع أنه أكد الفعل، والمراد به معنى مجازي كقول هند بنت النعمان في زوجها روح بن زنباع وزير عبد الملك بن مروان :
بكى الخز من روح وأنكر جلده...
وعجت عجيجاً من جذام المطارف