قال المفسرون وإنما بدأ الله عز وجل بذكر نوح عليه السلام لأنه أول نبي بعث بشريعة وأول نذير على الشرك وأنزل الله عز وجل عليه عشر صحائف وكان أول من عذبت أمته لردهم دعوته وأهلك أهل الأرض بدعائه وكان أبا البشر كآدم عليهما السلام وكان أطول الأنبياء عمراً عاش ألف سنة لم تنقص قوته ولم يشب ولم تنقص له سن وصبر على أذى قومه طول عمره ثم ذكر الله الأنبياء من بعده جملة بقوله تعالى :﴿ والنبيين من بعده ﴾ ثم خص جماعة من الأنبياء بالذكر لشرفهم وفضلهم فقال ﴿ وأوحينا إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط ﴾ وهم أولاد يعقوب وكانوا اثنى عشر ﴿ وعيسى وأيوب ويونس وهارون وسليمان وآتينا داو ذبوراً ﴾ يعني وآتينا داود كتاباً مزبوراً يعني مكتوباً.
وقيل : الزبور بالفتح اسم الكتاب الذي أنزل على داود وهو مائة وخمسون سورة ليس فيها حكم ولا حلال ولا حرام بل كلها تسبيح وتقديس وتمجيد وثناء على الله عز وجل ومواعظ وكان داود عليه السلام يخرج إلى البرية فيقوم ويقرأ الزبور وتقوم علماء بني إسرائيل خلفه ويقوم الناس خلف العلماء وتقوم الجن خلف الناس والشياطين خلف الجن وتجيء الدواب التي في الجبال فيقمن بين يديه وترفرف الطير على رؤوس الناس وهم يستمعون لقراءة داود ويتعجبون منها فلما قارف الذنب زال عنه ذلك وقيل له ذلك أنس الطاعة وهذا ذل المعصية ( ق ) عن أبي موسى الأشعري قال : قال رسول الله ﷺ :" لو رأيتني البارحة وأنا أستمع لقراءتك لقد أعطيت مزماراً من مزامير آل داود " قال الحميدي زاد البرقاني قلت والله يا رسول الله لو علمت إنك تسمع لقراءتي لحبرتها لك تحبيراً، التحبير تحسين الصوت بالقراءة. أ هـ ﴿تفسير الخازن حـ ١ صـ ﴾