وقيل : المعنى بالروح هنا الوحي أي : ووحى إلى جبريل بالنفخ في درعها، أو إلى ذات عيسى أن كن، ونكر وروح لأن المعنى على تقدير صفة لا على إطلاق روح، أي : وروح شريفة نفيسة من قبله تعالى.
ومن هنا لابتداء الغاية، وليست للتبعيض كما فهمه بعض النصارى فادعى أنّ عيسى جزء من الله تعالى، فرد عليه علي بن الحسين بن وافد المروزي حين استدل النصراني بأنّ في القرآن ما يشهد لمذهبه وهو قوله : وروح منه، فأجابه ابن وافد بقوله :﴿ وسخر لكم ما في السموات وما في الأرض جميعاً منه ﴾ وقال : إن كان يجب بهذا أن يكون عيسى جزأ منه وجب أن يكون ما في السموات وما في الأرض جزأ منه، فانقطع النصراني وأسلم.
وصنف ابن فايد إذ ذاك كتاب النظائر.
﴿ فآمنوا بالله ورسله ﴾ أي الذين من جملتهم عيسى ومحمد عليهما السلام.
﴿ ولا تقولوا ثلاثة ﴾ خبر مبتدأ محذوف أي : الآلهة ثلاثة.
قال لزمخشري : والذي يدل عليه القرآن التصريح منهم بأن الله والمسيح ومريم ثلاثة آلهة، وأن المسيح ولد الله من مريم.
ألا ترى إلى قوله :﴿ أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله ﴾ وقالت النصارى : المسيح ابن الله، والمشهور المستفيض عنهم أنهم يقولون في المسيح لاهوتيته وناسوتيته من جهة الأب والأم، ويدل عليه قوله : إنما المسيح عيسى ابن مريم، فأثبت أنه ولد لمريم أتصل بها اتصال الأولاد بأمهاتهم، وأنّ اتصاله بالله عز وجل من حيث أنه رسوله، وأنه موجود بأمره، وابتداعه جسداً حياً من غير أب ينفي أنه يتصل به اتصال الأبناء بالآباء.
وقوله :﴿ سبحانه أن يكون له ولد ﴾ وحكاية الله أوثق من حكاية غيره، وهذا الذي رجحه الزمخشري قول ابن عباس قاله يريد بالتثليث : الله تعالى، وصاحبته، وابنه.


الصفحة التالية
Icon