ثم قال تعالى :﴿وَكَانَ الله عَلِيماً حَكِيماً﴾ أي عليماً لا يخفى عليه من أعمال عباده المؤمنين والكافرين شيء، و﴿حَكِيماً﴾ لا يضيع عمل عامل منهم ولا يسوي بين المؤمن والكافر والمسيء والمحسن، وهو كقوله ﴿أَمْ نَجْعَلُ الذين ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات كالمفسدين فِى الأرض أَمْ نَجْعَلُ المتقين كالفجار﴾ [ ص : ٢٨ ]. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١١ صـ ٩١﴾
وقال السمرقندى :
﴿يَا أَيُّهَا الناس ﴾ قال ابن عباس : يعني أهل مكة ﴿ قَدْ جَاءكُمُ الرسول بالحق مِن رَّبّكُمْ ﴾ أي بشهادة أن لا إله إلا الله، ويقال : ببيان الحق.
ويقال : للحق، يعني للعرض والحجة وقوله تعالى :﴿ قَدْ جَاءكُمُ ﴾ على وجه المجاز، لأن رسول الله ﷺ قد كان فيهم، ولكن معناه أنه قد ظهر فيكم رسول الله ﷺ كما قال في آية أخرى ﴿ لَقَدْ جَآءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بالمؤمنين رَءُوفٌ رَّحِيمٌ ﴾ [ التوبة : ١٢٨ ] أي ظهر فيكم ثم قال :﴿ يأَيُّهَا الناس قَدْ ﴾ أي صدقوا بوحدانية الله تعالى، والقرآن الذي جاءكم به محمد ﷺ خيراً لكم من عبادة الأوثان، لأن عبادة الأوثان لا تغنيكم شيئاً.
ثم قال تعالى :﴿ وَإِن تَكْفُرُواْ ﴾ أي إن تجحدوا بالله وبمحمد ﷺ، فإن الله غنيٌّ عنكم ﴿ فَإِنَّ للَّهَ مَا فِي السموات والأرض ﴾ كلهم عبيده وإماؤه ﴿ وَكَانَ الله عَلِيماً ﴾ بخلقه ﴿ حَكِيماً ﴾ في أمره. أ هـ ﴿بحر العلوم حـ ١ صـ ﴾
وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ يا أيها الناس ﴾ هذا خطاب للكل.
﴿ قَدْ جَآءَكُمُ الرسول ﴾ يريد محمداً عليه الصلاة والسلام.
﴿ بالحق ﴾ بالقرآن.
وقيل : بالدّين الحق ؛ وقيل : بشهادة أن لا إله إلاَّ الله ؛ وقيل : الباء للتعدية ؛ أي جاءكم ومعه الحق ؛ فهو في موضع الحال.


الصفحة التالية
Icon