﴿ ومن يستنكف عن عبادته ويستكبر فسيحشرهم إليه جميعاً ﴾ حمل أولاً على لفظ مَن فأفرد الضمير في يستنكف ويستكبر، ثم حمل على المعنى في قوله : فسيحشرهم، فالضمير عائد على معنى من هذا هو الظاهر، ويحتمل أن يكون الضمير عامّاً عائداً على الخلق لدلالة المعنى عليه، لأن الحشر ليس مختصاً بالمستنكف، ولأنّ التفصيل بعده يدل عليه.
ويكون ربط الجملة الواقعة جواباً لاسم الشرط بالعموم الذي فيها، ويحتمل أن يعود الضمير على معنى مَن، ويكون قد حذف معطوف عليه لمقابلته إياه التقدير : فسيحشرهم ومن لم يستنكف إليه جميعاً كقوله :﴿ سرابيل تقيكم الحرّ ﴾ أي : والبرد.
وعلى هذين الاحتمالين يكون ما فصل بإمّا مطابقاً لما قبله، وعلى الوجه الأوّل لا يطابق.
والإخبار بالحشر إليه وعيد إذ.
المعنى به الجمع يوم القيامة حيث يذل المستنكف المستكبر.
وقرأ الحسن : بالنون بدل الياء في فسيحشرهم، وباء فيعذبهم على التخفيف. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٣ صـ ﴾
ومن فوائد الآلوسى فى الآية
قال رحمه الله :
﴿ لَّن يَسْتَنكِفَ المسيح ﴾ استئناف مقرر لما سبق من التنزيه، وروي أن وفد نجران قالوا لنبينا ﷺ :"يا محمد لم تعيب صاحبنا؟ قال : ومن صاحبكم؟ قالوا : عيسى عليه السلام، قال : وأي شيء أقول فيه؟ قالوا : تقول : إنه عبد الله ورسوله فنزلت" والاستنكاف استفعال من النكف، "وأصله كما قال الراغب من نكفت الشيء نحيته وأصله تنحية الدمع عن الخد بالأصبع، وقالوا : بحر لا ينكف أي لا ينزح"، ومنه قوله :
فبانوا ( ولولا ) ما تذكر منهم...
من ( الخلف ) لم ينكف لعينيك مدمع
وقيل : النكف قول السوء، ويقال : ما عليه في هذا الأمر نكف ولا وكف، واستفعل فيه للسلب قاله المبرد، وفي "الأساس" "استنكف ( منه ) ونكف امتنع وانقبض أنفاً وحمية".


الصفحة التالية
Icon