قال البيضاوي : وجوابه أن الآية : للرد على عَبْدة المسيح والملائكة، فلا يتجه ذلك، وإن سلم اختصاصها بالنصارى فلعله أراد بالعطف المبالغة باعتبار التكثير دون التكبير، كقولك : أصبح الأمير لا يخالفه رئيس ولا مرؤوس، وإن أراد به التكبير فغايته تفضيل المقربين من الملائكة، وهم الكروبيون الذين هم حول العرش، أو من أعلى منهم رتبة من الملائكة، على المسيح من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وذلك لا يستلزم فضل أحد الجنسين على الآخر مطلقاً والنزاع فيه. انتهى.
قال ناصر الدين في " الانتصاف " : وقد كثر الاختلاف في تفضيل الأنبياء على الملائكة، فذهب جمهور الأشعرية إلى تفضيل الأنبياء، وذهب القاضي أبو بكر، منّا، والحليمي وجماعة المعتزلة إلى تفضيل الملائكة، واتخذ المعتزلة هذه الآية عمدتهم في تفضيل الملائكة، من حيث الوجه الذي استدل به الزمخشريّ، ونحن بعون الله نشبع القول في المسألة من حيث الآية، فنقول : أورد الأشعرية على الاستدلال بها أسئلة :
أحدها : أن سيدنا محمداً عليه أفضل الصلاة والسلام أفضل من عيسى عليه الصلاة والسلام، فلا يلزم من كون الملائكة أفضل من المسيح، أن تكون أفضل من محمد عليه الصلاة والسلام، وهذا السؤال إنما يتوجه إذ لم يدّع مورده أن كل واحد من آحاد الأنبياء، أفضل من كل واحد من آحاد الملائكة، وبين طائفتنا في هذه الطرف خلاف ( السؤال الثاني ) أن قوله :﴿ وَلاَ الملآئِكَةُ المقَرّبُونَ ﴾ صيغة جمع، تتناول مجموع الملائكة، فهذا يقتضي كونه مجموع الملائكة أفضل من المسيح.