ومن فوائد الشيخ الشعراوى فى الآية
قال رحمه الله :
﴿ لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ ﴾
مصدر الشرف للإنسان أن يحس ويشعر بتجلي الله عليه بعبوديته له، وسبحانه عندما أراد أن يتجلى على نبينا الخاتم ﷺ ويسري به إلى المسجد الأقصى ؛ قال :﴿ سُبْحَانَ الذي أسرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي بَارَكْنَا حَوْلَهُ ﴾ [ الإسراء : ١ ]
ولم يقل :" سبحان الذي أسرى برسوله " ولكنه قال :﴿ سُبْحَانَ الذي أسرى بِعَبْدِهِ ﴾ ؛ لأن " العبودية " عطاء علوي من الله، فكأن سيدنا محمداً ﷺ عندما تناهى في العبودية لله نال تناهي الخير، فمن إذن يستنكف أن يكون عبداً لله؟ لا يستنكف المسيح ذلك، وكذلك الملائكة لا تستنكف أن تكون عبيداً لله. ﴿ وَلاَ الملائكة المقربون ﴾ ويسمون ذلك ارتقاء في النفي، مثلما يقول فلاح : لا يستطيع شيخ الخفر أن يقف أمامي ولا العمدة.
إذن فالملائكة في الخلق أحسن من البشر. ولذلك قال الحق :﴿ لَّن يَسْتَنكِفَ المسيح أَن يَكُونَ عَبْداً للَّهِ وَلاَ الملائكة المقربون ﴾ وقال بعض العلماء : إن خواص البشر أفضل من خواص الملائكة، وعوام الملائكة أفضل من عوام البشر والأصل في اللغات أن توضع الألفاظ أولأً لمحسّات، ثم تنتقل من المحسّات إلى المعنويات ؛ لأن إلف الإنسان في أول تكوين المدركات له إنما يكون بالحسّ، كما قال الحق :﴿ والله أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ السمع والأبصار والأفئدة لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [ النحل : ٧٨ ]


الصفحة التالية
Icon