" فوائد لغوية وإعرابية "
قال ابن عادل :
وقوله تعالى :﴿ فَأَمَّا الذين ﴾ : قد تقدَّم الكلامُ على نظيرتها، ولكن هنا سؤالٌ حسنٌ قاله الزمخشريُّ وهو :" فإن قلت : التفصيل غير مطابقٍ للمفصَّلِ ؛ لأنه اشتمل على الفريقين، والمفصَّلُ على فريق واحد، قلتُ : هو مثلُ قولك :" جَمَعَ الإمَامُ الخوارجَ : فمن لم يخرجْ عليه، كساه حُلَّةً، ومن خَرَجَ عليه، نَكَّلَ به " وصحةُ ذلك ؛ لوجهين :
أحدهما : أن يحذف ذكرُ أحد الفريقين ؛ لدلالةِ التفصيل عليه ؛ ولأنَّ ذكرَ أحدهما يدلُّ على ذكر الثاني ؛ كما حذف أحدهما في التفصيل في قوله عَقِيبَ هذا :﴿ فَأَمَّا الذين آمَنُواْ بالله واعتصموا بِهِ ﴾ [ النساء : ١٧٥ ].
والثاني : وهو أن الإحسانَ إلى غيرهم مما يَغُمُّهُم ؛ فكان داخلاً في جملة التنكيلِ بهم، فكأنه قيل : ومن يَسْتَنْكِف عن عبادته ويَسْتكبرْ فسيعذبُهُم بالحَسْرة، إذا رأوْا أجُورَ العاملين، وبما يصيبُهُم من عذاب الله ".
انتهى، يعني بالتفصيل قوله :" فأمَّا " و" أمَّا "، وقد اشتمل على فريقين، أي : المثابين والمعاقبين، وبالمفصَّل قوله قبل ذلك :" وَمَن يَسْتَنْكِفْ "، ولم يشتمل إلا على فريقٍ واحدٍ هم المعاقَبُون. أ هـ ﴿تفسير ابن عادل حـ ٧ صـ ١٥٠ ـ ١٥١﴾
من لطائف الإمام القشيرى فى الآية
قال عليه الرحمة :
قوله جلّ ذكره :﴿ وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنكَفُوا وَاسْتَكْبَرُوا فَيُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَلاَ يَجِدُونَ لَهُم مِّن دُونِ اللهِ وَلِيًّا وَلاَ نَصِيرًا ﴾.
العذاب الأليم ألا يصلوا إليه أبداً بعدما عرفوا جلاله، فإذا صارت معارفُهم ضروريةً فإنهم يعرفون أنهم عنه بقوا، فَحَسَراتُهم حينئذ على ما فاتهم أشدُّ عقوبة لهم. أ هـ ﴿لطائف الإشارات حـ ١ صـ ٣٩٤﴾


الصفحة التالية
Icon