وقال الآلوسى :
﴿ يَا أَيُّهَا الناس ﴾ خطاب لكافة المكلفين إثر بيان بطلان ما عليه الكفرة من فنون الكفر والضلال وإلزامهم ( بالبراهين القاطعة ) بما تخرّ له صم الجبال، وفيه تنبيه لهم على أن الحجة قد تمت فلم يبق بعد ذلك علة لمتعلل ولا عذر لمعتذر ﴿ قَدْ جَاءكُمُ ﴾ أتاكم ووصل إليكم ﴿ بُرْهَانٌ مّن رَّبّكُمْ ﴾ أي حجة قاطعة، والمراد بها المعجزات على ما قيل.
وأخرج ابن عساكر عن سفيان الثوري عن أبيه عن رجل لا يحفظ اسمه أن المراد بالبرهان هو النبي ﷺ، وروي ذلك عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، وعبر عنه عليه الصلاة والسلام بذلك لما معه من المعجزات التي تشهد بصدقه ﷺ، وقيل : المراد بذلك دين الحق الذي جاء به النبي ﷺ، والتنوين للتفخيم، ومن لابتداء الغاية مجازاً وهي متعلقة بجاء أو بمحذوف وقع صفة مشرفة لبرهان مؤكدة لما أفاده التنوين، وجوز أن تكون تبعيضية بحذف المضاف أي كائن من براهين ربكم، والتعرض لعنوان الربوبية مع الإفاضة إلى ضمير المخاطبين لإظهار اللطف بهم والإيذان بأن مجىء ذلك لتربيتهم وتكميلهم.


الصفحة التالية
Icon