" فصل فى مقصود السورة "
قال البقاعى :
مقصودها الوفاء بما هدى إليه الكتاب، ودل عليه ميثاق العقل من توحيد الخالق ورحمة الخلائق شكراً لنعمه واستدفاعاً لنقمة، وقصة المائدة أدل ما فيها على ذلك، فإن مضمونها أن من زاغ عن الطمأنينة بعد الكشف الشافي والإنعام الوافي نوقش الحساب فأخذه العذاب، وتسميتها بالعقود أوضح دليل على ما ذكرت من مقصودها وكذا الأحبار.
﴿بسم الله﴾ أي الذي تمت كلماته فصدقت وعوده وعمت مكرماته ﴿الرحمن﴾ الذي عم بالدعاء إلى الوفاء في حقوقه وحقوق مخلوقاته ﴿الرحيم﴾ الذي نظر إلى القلوب فثبت منها على الصدق ما جبّله على التخلق بصفاته. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٢ صـ ٣٨٤﴾
" فصل فى التعريف بالسورة الكريمة "
قال ابن عاشور :
سورة المائدة
هذه السورة سميت في كتب التفسير، وكتب السنة، بسورة المائدة : لأن فيها قصة المائدة التي أرسلها الحواريون من عيسى عليه السلام، وقد اختصت بذكرها.
وفي مسند أحمد بن حنبل وغيره وقعت تسميتها سورة المائدة في كلام عبد الله بن عمر، وعائشة أم المؤمنين، وأسماء بنت يزيد، وغيرهم.
فهذا أشهر أسمائها.
وتسمى أيضا سورة العقود : إذ وقع هذا اللفظ في أولها.
وتسمى أيضا المنقذة.
ففي أحكام ابن الفرس : روي عن النبي ﷺ قال :" سورة المائدة تدعى في ملكوت السماوات المنقذة ".
قال :" أي أنها تنقذ صاحبها من أيدي ملائكة العذاب ".
وفي كتاب كنايات الأدباء لأحمد الجرجاني١ " يقال : فلان لا يقرأ سورة الأخيار، أي لا يفي بالعهد، وذلك أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يسمون سورة المائدة سورة الأخيار.
قال جرير :
إن البعيث وعبد آل متاعس...
لا يقرآن بسورة الأخيار