قال القاضي أبو محمد : وهذا الذي قال الطبري تحامل على ألفاظ ابن عباس وليس يلزم من كلام ابن عباس أن ﴿ الهدي ﴾ إنما يقال لما لم يقلد وإنما يقتضي أن الله نهى عن استحلال ﴿ الهدي ﴾ جملة ثم ذكر المقلد منه تأكيداً ومبالغة في التنبيه على الحرمة في التقليد، وقال جمهور الناس :﴿ الهدي ﴾ عام في أنواع ما أهدي قربه و﴿ القلائد ﴾ ما كان الناس يتقلدونه أمنة لهم، قال قتادة : كان الرجل في الجاهلية إذا خرج يريد الحج تقلد من السمر قلادة فلم يعرض له أحد بسوء إذ كانت تلك علامة إحرامه وحجه وقال عطاء وغيره : بل كان الناس إذا خرجوا من الحرم في حوائج لهم تقلدوا من شجر الحرم ومن لحائه فيدل لك على أنهم من أهل الحرم أو من حجاجه فيأمنون بذلك فنهى الله تعالى عن استحلال من تحرم بشيء من هذه المعاني.
وقال مجاهد وعطاء : بل الآية نهي للمؤمنين عن أن يستحلوا أخذ القلائد من شجر الحرم كما كان أهل الجاهلية يفعلون، وقاله الربيع بن أنس عن مطرف بن الشخير وغيره، وقوله تعالى :﴿ ولا آمين البيت الحرام ﴾ معناه ولا تحلوهم فتغيروا عليهم ونهى الله تعالى المؤمنين بهذه الآية عن أن يعمدوا للكفار القاصدين ﴿ البيت الحرام ﴾ على جهة التعبد والقربة وكل ما في هذه الآية من نهي عن مشرك أو مراعاة حرمة له بقلادة أو أَم البيت ونحوه فهو كله منسوخ بآية السيف في قوله تعالى :﴿ فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم ﴾ [ التوبة : ٥ ]. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٢ صـ ﴾
وقال الآلوسى :


الصفحة التالية
Icon