ثم قال " أوفوا بالعقود " يعني أتموا الفرائض التي ذكر الله تعالى في القرآن وعقد على عباده ما أحل لهم وحرم عليهم أن يوفوا بها وقال مقاتل " أوفوا بالعقود " يعني بالعهود التي بينكم وبين المشركين ويقال جميع العقود التي بينه وبين الناس والتي بينه وبين الله تعالى وهذا من جوامع الكلم لأنه اجتمع فيه ثلاثة أنواع من العقود أحدها العقود التي عقدها الله تعالى على عباده من الأوامر والنواهي والنوع الثاني العقود التي يعقدها الإنسان بينه وبين الله تعالى من النذور والأيمان وغير ذلك والنوع الثالث العقود التي بينه وبين الناس مثل البيوع والإجارات وغير ذلك فوجب الوفاء بهذه العقود كلها. أ هـ ﴿بحر العلوم حـ ١ صـ ﴾
وقال الآلوسى :
﴿ يَا أَيُّهَا الذين ءامَنُواْ أَوْفُواْ بالعقود ﴾ الوفاء حفظ ما يقتضيه العقد والقيام بموجبه، ويقال : وفى ووفى وأوفى بمعنى، لكن في المزيد مبالغة ليست في المجرد، وأصل العقد الربط محكماً، ثم تجوز به عن العهد الموثق، وفرق الطبرسي بين العقد والعهد "بأن العقد فيه معنى الاستيثاق والشد ولا يكون إلا بين اثنين، والعهد قد يتفرد به واحد" واختلفوا في المراد بهذه العقود على أقوال : أحدها : أن المراد به العهود التي أخذ الله تعالى على عباده بالإيمان به وطاعته فيما أحل لهم أو حرم عليهم وهو مروي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، وثانيها : العقود التي يتعاقدها الناس بينهم كعقد الأيمان وعقد النكاح وعقد البيع ونحو ذلك، وإليه ذهب ابن زيد وزيد بن أسلم، وثالثها : العهود التي كانت تؤخذ في الجاهلية على النصرة والمؤازرة على من ظلم، وروي ذلك عن مجاهد والربيع وقتادة.