من ماله وشر الدنيا جزءا من سبعين جزءا ولا يؤثر هذا الجزء الأدنى لحضوره على ذلك الكل الأنهى لغيابه إلا من سفه نفسه وضعف إيمانه، فتخلص المرء من حرف الحرام طهره وتخلصه من النهي طيبه، وأصل هذين الحرفين في الإنجيل وتمامهما في القرآن.
ثم يلي هذين حرفا صلاح الدين : أحدهما حرف المحكم الذي بان للعبد فيه خطاب ربه من جهة أحوال قلبه وأخلاق نفسه وأعمال بدنه فيما بينه وبين ربه من غير التفات لغرض النفس في عاجل الدنيا ولا آجلها، والثاني حرف المتشابه الذي لا يبين للعبد فيه خطاب ربه من جهة قصور عقله من إدراكه ووجوب تسبيح ربه عن تمثل عبده إلى أن يؤيده الله بتأييده. والحروف الخمسة للاستعمال وهذا الحرف السادس للوقوف ليكون العبد قد وقف لله بقلبه عن حرف كما قد كان أقدم لله على تلك الحروف ولينسخ بعجزه وإيمانه عند هذا الحرف السادس انتهاء ما تقدم من طوقه وعلمه في تلك الحروف ابتداء، وأصل هذين الحرفين في الكتب المتقدمة كلها وتمامها في القرآن.
فهذه الحروف الستة يشترك فيها القرآن مع سائر الكتب ويزيد عليها تمامها وبركة جمعها، ويختص القرآن بالحرف السابع الجامع مبين المثل الأعلى ومظهر اللمثول الأعظم حرف الحمد الخاص بمحمد ( ﷺ ) وهو حرف المثل.
وعن جمعه وكمال جمعه لمحمد ( ﷺ ) في قلبه وقراءته على لسانه وبيانه في ذاته ظهرت عليه خواص خلقه الكريم وخلقه العظيم، ولا ينال إلا موهبة من الله تعالى لعبده بال واسطة والستة تتنزل بتوسطات من استواء الطبع وصفاء العقل بمثابة وحي النبي وإلهام الولي.