ولما كانت حروف المعجم تسعة وعشرين حرفا بالهمزة وكان أحد شطرها على التحرير متعذرا فقسمت خمسة عشر وأربعة عشر، وأخذ الأقل من باب الأنصاف وفرق في تسع وعشرين سورة على عدد الحروف، وتحدي به على هذا الوجه، وأبدى الإمام شمس الدين ابن فقيم الجوزيه الدمشقي الحنبلي يفي كتاب به كالتذكرة سماه " بدائع الفرائد " سرا غريبا في ابتداء القرآن بقوله ) الم ( حاصله أن حروفه الثلاثة جمعت المخارج الثلاثية : الحلق واللسان والشفتان. على ترتيبها وذلك إشارة إلى البداية التي هي بدء الخلق والنهاية التي هي المعاد والوسط الذي هو المعاش من التشريع بالأوامر والنواهي، وفي ذلك تنبيه على أن هذا الكتاب الذي ركب من هذه الحروف التي لا تعدو المخارج الثلاثة التي بها يخاطب جميع الأمم جامع لما يصلحكم من أحوال بدء الخلق وإعادته وما بين ذلك، وكل سورة افتتحت بهذه الحروف ذكرت فيها الأحوال الثلاثة.


الصفحة التالية
Icon