ثم قرن اليهود والنصارى والمشركون في قرن حسدهم المسلمين والسخط على الشريعة الجديدة ﴿مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلا الْمُشْرِكِينَ﴾ [ البقرة : من الآية١٠٥ ] إلى قوله ﴿وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ [ البقرة : ١١٢ ]، ثم ما أثير من الخلاف بين اليهود والنصارى وادعاء كل فريق أنه هو المحق ﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ﴾ [ البقرة : من الآية١١٣ ] إلى ﴿يَخْتَلِفُونَ﴾ [ البقرة : ١١٣ ] ثم خص المشركون بأنهم أظلم هؤلاء الأصناف الثلاثة لأنهم منعوا المسلمين من ذكر الله في المسجد الحرام وسعوا بذلك في خرابه وأنهم تشابهوا في ذلك هم واليهود والنصارى واتحدوا في كراهية الإسلام.
وانتقل بهذه المناسبة إلى فضائل المسجد الحرام، وبانيه، ودعوته لذريته بالهدى، والاحتراز عن إجابتها في الذين كفروا منهم، وأن الإسلام على أساس ملة إبراهيم وهو التوحيد، وأن اليهودية والنصرانية ليستا ملة إبراهيم، وأن من ذلك الرجوع إلى استقبال الكعبة ادخره الله للمسلمين آية على أن الإسلام هو القائم على أساس الحنيفية، وذكر شعائر الله بمكة، وإبكات أهل الكتاب في طعنهم على تحويل القبلة، وأن العناية بتزكية النفوس أجدر من العناية باستقبال الجهات ﴿لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ﴾ [ البقرة : ١٧٧ ] وذكروا بنسخ الشرائع لصلاح الأمم وأنه لا بدع في نسخ شريعة التوراة أو الإنجيل بما هو خير منهما.


الصفحة التالية
Icon