وقال الشهيد سيد قطب ـ رحمه الله ـ :
سورة البقرة مدنية وآياتها ست وثمانون ومائتان

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

التعريف بسورة البقرة
١ - نزول السور وترتيبها التوقيفي
هذه السورة من أوائل ما نزل من السور بعد الهجرة. وهي أطول سور القرآن على الإطلاق. والمرجح أن آياتها لم تنزل متوالية كلها حتى اكتملت قبل نزول آيات من سور أخرى ; فمراجعة أسباب نزول بعض آياتها وبعض الآيات من السور المدنية الأخرى - وإن تكن هذه الأسباب ليست قطعية الثبوت - تفيد أن السور المدنية الطوال لم تنزل آياتها كلها متوالية ; إنما كان يحدث أن تنزل آيات من سورة لاحقة قبل استكمال سورة سابقة نزلت مقدماتها ; وأن المعول عليه في ترتيب السور من حيث النزول هو سبق نزول أوائلها - لا جميعها - وفي هذه السورة آيات في أواخر ما نزل من القرآن كآيات الربا، في حين أن الراجح أن مقدماتها كانت من أول ما نزل من القرآن في المدينة.
فأما تجميع آيات كل سورة في السورة، وترتيت هذه الآيات، فهو توقيفي موحى به.. روى الترمذي - بإسناده - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : قلت لعثمان بن عفان : ما حملكم أن عمدتم إلى الأنفال وهي من المثاني وإلى براءة وهي من المئين، وقرنتم بينهما ولم تكتبوا سطر : بسم الله الرحمن الرحيم، ووضعتموها في السبع الطوال ؟ وما حملكم على ذلك ؟ فقال عثمان : كان رسول الله ( ﷺ ) كان مما يأتي عليه الزمان وهو ينزل عليه السور ذوات العدد ; فكان إذا نزل عليه الشيء دعا بعض من كان يكتب، فيقول :" ضعوا هذه الآية في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا ". وكانت الأنفال من أول ما نزل بالمدينة، وكانت براءة من آخر ما نزل من القرآن ; وكانت قصتها شبيهة بقصتها، وخشيت أنها منها ; وقبض رسول الله ( ﷺ ) ولم يبين لنا أنها منها. فمن أجل ذلك قرنت بينهما، ولم أكتب بينهما سطر : بسم الله الرحمن الرحيم، ووضعتها في السبع الطوال.


الصفحة التالية
Icon